الأحد، 28 مارس 2010

عاقل الاندلس


نحن الان في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم المنورة في مجلس علم وما اكثرها في الدولة الاسلامية قبل ان تتحول مجالس العلم والتعليم الي تعليم مفرغ المحتوى ركيك المستوى في اخر المنحني مابين الامم .

مجلس العلم ليس لعالم كأى عالم انه الامام مالك بن انس صاحب كتاب الموطأ من اعظم كتب الحديث الشريف .كان الامام مالك في مجلسه عندما سمع ضجة بالخارج اتبعتها ضجة بين الطلبة ومن بينهم شخصيتنا يتبين الامر في النهاية

ان هناك فيل في الخارج . نعم فيل يمر بشوارع المدينة والناس يتصايحون مرحا وحبوراعندما ينظرون اليه.

خرج الطلبة من مجلس العلم بعد ان اذن لهم الامام ماعدا يحيي بن يحيى الليثي الطالب الاندلسي الذى اتي من بلاده من اجل التعلم علي امام اهل السنة في ذلك الوقت الامام مالك فدار حوار شيق بين المعلم واستاذه:

يسأله الامام مالك: لماذا لم تخرج معهم وتري الفيل انه ليس في بلادك منه؟
يجاوب الطالب الاندلسي يحيى: لانني لم ات من بلادي كي اري الفيل ولكن كي اراك واتعلم منك
فسماه الامام مالك علي اثر ذلك بعاقل الاندلس وارتفعت مكانته عند الامام وتعلم منه فقه وكتابه الموطأ وحفظه واان ان يرحل الي الاندلس ليطبق هذا العلم وليس ليتباهي امام العالمين انه من حملة الشهادات العليا وانه عبقري زمانه واوانه ويصبح من الاف الذين تخرجوا بدون ان يستفاد منهم الوطن والامة منهم بشىء.


كان يحيى علي النقيض تماما من هؤلاء كان يؤمن بشيئين اثنين:

الاول : ان يطبق هذا العلم وانه ينشر قواعد الفقه المالكي في الاندلس فكان من ضمن الفقهاء الذين رسخوا مبادىء الفقه المالكي في المجتمع الاندلسي حتي اصبح الاندلسيون يعتزون بمالكيتهم حتي سقوط الاندلس .


الثاني : الا يخاف من الله لومة لائم وما ادراك عزيزى القارىء عندما يبيع الفقيه فتواه من اجل السلطان والمال والنفوذ والمناصب وليصبح من حاملي لقب الامام الاكبر امام الناس ولكن امام الله هو ليس بامام ولا كبير بل هو من اصغر مخلوقات الله طرا في القيمة والمنفعة وكم من سلطان بني طغيانه بفتيا الفقهاء وفعلاالافاعيل بالمعارضين لان طاعة الامام واجبة ولايجوز الخروج عليه .


ايضا ليس الامام يحيى من هؤلاء واوضح ذلك من خلال موقفه من الامير عبد الرحمن الاوسط الذى كان من اشهر
حكام عصره ليس في الاندلس فحسب ولكن في العالم اجمع عندما وقع الامير عبد الرحمن علي جارية له في نهار رمضان فاتي بالفقهاء كي يستفتيهم في الامر ومن ضمن هؤلاء الامام يحيى فأفتي كل علي حدة فتواه للامير وعندما جاء
دور يحيى افتي له بصيام شهرين متتابعين كفارة له فلما خرج الفقهاء سألوا الامام " لماذا لم تفته بالعتق ( اي عتق العبيد ككفارة)وهو في مذهب مالك؟
فرد عليهم انه لو افتاه بذلك لاستهان بالامر واعتق كل يوم عبيد ولكن اختار اصعب الامور علي نفس الامير حتي لا يرجع اليه مرة اخري ويستهين بحدود الله.


كان الامام مالك ثاقب الرأى والنظر عندما اسمي يحيى بن يحيى الليثى بعاقل الاندلس......... دمتم بخير