السبت، 18 سبتمبر 2010

المرحلة التعبيرية


تطالعنا دوما اقوال الافذاذ منافقو السلطة واشياعها المخلصين وتكاد تموت كمدا وهما وغيظا من كم الاكاذيب التي يطلقونها بدون حسيب ولارقيب وكأن عقول المصريين اصبحت خواء لا تدبر فيها وتقييم ..دائما يكذبون ..دائما ينافقون دائما يستخفون بالامر ..ولكن هذا ليس جديدا بل اننا نندهش اذا مر يوما بدون نفاق ولا تدليس ..

اسامة سرايا احد هؤلاء الافذاذ الاذكياء الادعياء حيث انه بمنتهي الاستخفاف يقول ان صورة الزعماء صورة تعبيرية وهكذا ينتهي الموضوع ولا يهمنا شىء نحن الشعب المفترى علي حكامه بل ان لسان حاله يقول ان الشعب جاهل لايفهم ولايفقه ..هذه الاعمال لاتدخل في اختصاصه ..

مصر الان تدار بالمرحلة التعبيرية كأنها لوحة في معرض للفن التشكيلي السريالي الذى لاتفهم منه شيئا مجرد خيوط من الالوان غير متناسقة وغير محببة للنفس تثير في نفسك الاشمئزاز لدرجة تصل بك للتقيؤ امام الناس ..تعبر هذه الصورة علي مقدار التوجيه والارشاد الذى كان يقوم به اعلاميو الثورة في يوم من الايام عندما كان المصريون يستمعون الي المذيع احمد سعيد ايام حرب يونيو 1967 يقول المذيع اسقطنا 100 طائرة ثم يتحول الي 200 ثم الي 300 ثم الي 400 ثم وثم الي مالانهاية ..له الحق هذه سياسة تدار بها القطعان من البقر والجاموس ..وبعدها يكتب هيكل خطاب التنحي ولانه خبير بنفوس جماهير التهليل والتطبيل فيتحول التنحي الي تثبيت الحكم وتتحول الهزيمة العسكرية الي نصر مزيف لفرد طاغية يحكم البلاد ويتحكم في العباد ويتحول النفاق الي حقيقة واقعة في نفوس المصريين ..هذه الحادثة تدخل في طرائف التاريخ وغرائبه ..

نسمع عن تنحية القادة المنهزمين ..نسمع عن محاكماتهم ..نسمع عن انتحارهم كالقادة اليابانين بعد الحرب العالمية
دائما مانسمع اما عن جيش منهزم ويهلل الشعب لقائد هذا الجيش الاعلي فهذا من السخرية والاستخفاف ولاتقل لي من فضلك ان هذه المرحلة كانت تحتم ذلك وان المرحلة التي نحن بصددها مرحلة صعبة تحتاج الي القائد والزعيم والاب والاخ وما الي ذلك من الهرائيات التي ابتلينا بها دوما ..

او تقل لي مثل هذا الصحفي انها صورة تعبيرية ..وكان من الممكن ان يقول هذه مرحلة تعبيرية تعبر عن المتعبر منه المفتوح بالعبرة المعبرة المعتبرة ..!!!

صورة زيفت فضحتها النييورك تايمز بقولها " أرادت صحيفة “الأهرام ” أن تدلل الزعيم المصري بتحويله إلى “زعيم ” مفاوضات السلام، في الوقت الذي كان يتأخر الخمسة المتجهين لقاعة البيت الأبيض، يتقدمهم بالطبع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ويأتى خلفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني." ..

تدلل الزعيم والقائد الذي سيعبر بنا الي مستقبل اسود لايعلمه الا الله ..اذا اردت ان تستلهم من روح الصورة شىء فأنك ستسلهم الاتي :
1/ اسلوب الحياة المزيف الذى نعيشه في مصر
2/ دور مصر المتراجع خلف كل هؤلاء كما في صورة الزعماء الاصلية ..
3/ الزعامة المزيفة التي دوما ما يخرج علينا الافذاذ والادعياء الاشقياء ويقول لك مصر زعيمة الامة العربية والاسلامية !!
4 / امريكا هي من تهيمن وتسيطر علي مقاليد الامور ومفاتيح الشرق الاوسط واصبح دور مصر كله ينصب في دور توفيق الدقن في فيلم الناصر صلاح الدين الذى توعده فيرجينيا الجميلة بولاية عكا ويتحول الوعد الي سراب ولكن فيرجينيا هذه المرة توعد توفيق الدقن بولايه ابنه علي ولاية عكا المباركة ..

5 / النفاق الفج الذى يتبعه الاعلام والمشكلة انهم يعرفون ان الشعب يفهم ويستوعب ويضحك من افعالهم ولكن يستمرون في النفاق والتدليل والتذليل للسلطة الفاسدة بل يتحالفون معها ويقولون بعزة فرعون لنحن الغالبون ..

الحقيقة مايتبعونه نفس منطق فرعون وملأه ضد موسي ..السحرة يسترهبون اعين الناس ..السحرة يلقون بعصيهم واحبالهم ليخيل للناس انها ثعابين تسعي وتلدغ والناس يصدقون ويخافون ولكن تأتي المعجزة لتلتهم السحر ..انتهي عصر المعجزات ياسادة وعصر الانبياء ايضا ولكن ارادة الانبياء مازالت موجودة ..كلنا موسي ولابد من ابطال السحر
واذلاله ..

مايتبعونه ايضا نفس منطق ابن عباد صاحب اشبيلية الذى استخف برعاياه وجلب شخصية مزيفة تتقمص دور الخليفة هشام المؤيد اخر خلفاء الامويين في الاندلس حيث من المؤكد تاريخيا انه مات سرا بالقتل من بعض المتأمرين ولكن اشيع انه انتقل الي المشرق وعاش به مدة ثم دخل الي الاندلس سرا والتقط ابن عباد هذه الاشاعات ونسج حكاية جديرة لان تكون ايضا من الطرائف والغرائب في تاريخنا ..

كان ابن عباد ملك اشبيلية ولكنه اراد ان يكون له الغلبة علي كل ممالك الاندلس وان يكون له الهيبة علي ملوك الطوائف اجمعين ولذلك نسج من الحكايات الكثير منها مثلا ان هشام المؤيد استنجد به وانه كان مستخفيا في احدى المدن واراد ان يرجع الي ملكه مرة اخري بمساعدته وبذلك يبدأ ان عباد في نسج حكاياته الشيطانية ويبدأ العمل باستجلاب شخص يشبه هشام المؤيد بشكل كبير وكان صعلوكا يمشي في الاسواق فألبسه واستدعي خدام الخليفة وجواريه وخصيانه واسكنه قصر فخم واخرجه علي الناس وقال انه الخليفة فصدق الناس وامنوا بالحكاية وكانت الخطوة الثانية انه استدعي وارسل لجميع حكام المدن والممالك ليبايعوا الخليفة هشام المزيف وبذلك تكون له السيطرة والهيمنة السياسية علي شبه الجزيرة ..

نفس المنطق ..نفس العقلية ..نفس الانتهازية وايضا نفس الفوتوشوب التاريخي ونفس المرحلة التعبيرية ...