الأحد، 17 أكتوبر 2010

ال سلجوق (2)




بالونات زرقاء وبيضاء ترتفع الي اعلي كي يراها العدو.. كي يراها شخص ارقهم .. كي يراها حتي تصل رسالة يفهم مفادها ان اسرائيل لن تتركه يحلم في هذه المنطقة ..كي يراها وهي تقول له اذا اردت الامتداد فلن تجد الا خصما صعب المنال ..

ايهود باراك وزير الدفاع يقف امام العدسات ليعلنها صراحة لا نريد للوجود الفارسي في المنطقة ان يتمدد .. هو يعلم ان الاتي من طهران علي مقربة منه اعلنها قبله انه يتمني نهاية اسرائيل وان الحل الوحيد لانهاء التوتر في المنطقة هو ازاله الكيان الشيطاني من جسد الامة الاسلامية .. احمدى نجاد يصرح ..ايهود باراك يهدد ..نصر الله يستقبل نجاد واعضاء الكنيست يضغطون علي الحكومة الاسرائيلية لاغتيال نجاد علي الارض اللبنانية اثناء زياراته للجنوب ..اسرائيل تصرح ان الزيارة استفزازية ..وايران تصرح انها تخاف علي مصلحة لبنان كجسد دولة واحد غير متفرق بين مذاهب واحزاب ..


"عندما تطأ قدمك فوق ارض الملعب لابد لك ان تري بعيني صقر نحو منافسك ..وتقول له هيا نبدأ ..اذا بدأت فهناك طرق عدة منها ان تستفزه ..ان تتصيده ..ان تدخله عرينك وتلتهمه التهاما .. كل هذه طرق مباشرة ..ولكن اذا اردت ان تقضى عليه فعليك بالطرق الاخري .. ان تصادق وان تهادن وان تتلون بالف لون وتتشح بالفي وشاح وتتنكر بثلاثة الاف قناع حتي تبتغي وجهتك في النهاية وتقرر اما نهياتك او نهايته .."

المسألة الان ذات شقين ..شق في فكر السلاجقة وشق في فكر الفاطميين في القاهرة ..والملعب واحد الان وهي بلاد الشام المنقسمة من قبل الي اقسام عدة ..قامت علي اراضي الشام دول منفصلة كالدولة الحمدانية في حلب وغيرها ودخلت الدولة الفاطمية في الصراع بقوة شديدة في بلاد الشام كي تحافظ علي العمق الاستراتيجي لها ..الان الشام مسرح عرائس كبير والاقوى والاجدر هو من ينتصر في النهاية ..

اما عن السلاجقة يموت طغرل بك وهو يلقن الفكرة لاتباعه لابد لنا من التوسع الان والتوسع لابد ان يكون غربا لابعد الحدود ليكون علي حساب الشيعة في القاهرة والبيزنطين الروم في الشمال ..الان ثلاث قوى علي ملعب واحد وهو الشام ..البيزنطيين شمالا الفاطميين جنوبا في مصر والسلاجقة شرقا في العراق وايران ولتبدأ المبارة بينهم جميعا ..


كان البيزنطيون يتحالفون حينا ويخوضون حينا اخرى حروبا مع جارتهم اللدود الدولة الفاطمية علي حسب سير الحوادث ومقتضيات السياسة بينهما هذا في جانب اما الحرب فقط علي الجانب الاخر بالنسبة الي السلاجقة بقيادة طغرل بك قبل موته ومن بعده السلطان محمد الب ارسلان ..كان السلاجقة يخوضون الحرب بضراوة ضد الدولة البيزنطية لاثبات انهم مجاهدون ونيتهم الخالصة في ذلك وايضا لايجاد منفذ لهم من تطويق البيزنطيون لهم من شمال العرق وشمال الشام ..بدأو بعملياتهم العسكرية ضد بيزنطة واستولوا علي ارمينيا واصبح الطريق مفتوحا علي مصراعيه نحو اراضي الاناضول ..

اما الشام فكان مسرحا لعدة استراتيجيات سلجوقية كان مهندسها الاكبر طغرل بك الباني الحقيقي لهذه الدولة :
  • الضغط السكاني التركي المتزايد علي الدولة الناشئة جعلهم يفكرون في ايجاد مخرج لهم في نزوح الاتراك الي الاراضي الشامية
  • القضاء علي نفوذ الفاطميين في الشام تمهيدا للقضاء عليهم نهايئا وارجاع مصر منهم وتوحيد المسلمين جميعا تحت خلافة واحدة وهي الخلافة العباسية في بغداد الذين كانوا يسيطرون عليها قلبا وقالبا ..
هذه كانت وجهة نظر السلاجقة ..اما عن الفاطميين فكانوا يحافظون علي نفوذهم بالتحالف العسكري مع البيزنطيين رغم العداء والحرب وكانوا يبعثون بالسفراء الي بلاط القسطنطينة عاصمة الدولة البيزنطية ..

انتهت المعارك باستيلاء السلاجقة علي الشام ماعدا فلسطين التي كانت في قبضة خلفاء القاهرة وسيستمر النزاع حينا الي قدوم اول جحافل الصلبيين ليقضوا علي القوتين ويستولون علي الشام كله الا قليلا في يد السلاجقة الذين سنراهم بعد قليل ينزون في سجلات النهاية الحتمية والمنطقية لاي قوى في التاريخ ..

ولكن الحديث لا ينتهي ..كان هذا مشهد واحد من فصول القصة ..انتهينا في الجزء الاول الي موت طغرل بك ..لنجد ان ابنه السلطان الشجاع الب ارسلان افضل من حكم الدولة حيث كان يتميز كما يقول ابن الاثير " انه عادلا حسن السيرة
كريمًا رحيمًا شفوقًا على الرعية رفيقًا على الفقراء، بارًا بأهله وبأصحابه ومماليكه كثير الدعاء بدوام ما أنعم به عليه، كثير الصدقات يتصدق في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار، ولا يعرف في زمانه جناية ولا مصادره بل يقنع من الرعايا بالخراج في قسطين رفقًا بهم"

كان وزيره الوزير نظام الملك الذى سيستحق مني ان افرد له تدوينة خاصة فيما بعد ان شاء الله ..كان الوزير العظيم نظام الملك وزير الب ارسلان وحققا معا انجازات رائعة مثل الموقعة الشهيرة التي قضت علي قوة البيزنطيين لفترة طويلة والتي تدعي ملاذكرت ..اما الانجاز الذى ارتبط بنظام الملك مما جعله اقرب الي الشخصية الاسطورية الرائعة التي وضعناها في سجلات الابطال الرائعين الذين نتمني ان يرجعوا الي الحياة مرة اخرة كان هذا الانجاز هو المدارس النظامية ..التي سأسردها مع تدوينة نظام الملك التي فيما يبدو لابد ان اكتبها سريعا التدوينة القادمة ..

نترك نظام الملك والب ارسلان وطغرل بك الي احمد داوود اغلو ..لابد ان هذه الشخصية تترامي الي مسامعك حينا لو كنت متابعا لنشرات الاخبار ..نعم هو شخصية رائعة يسمونه في تركيا بمهندس الخارجية التركية ..هو وزير الخارجية التركية الذى يعمل عملا رائعا علي جميع المستويات ..له رؤية كبيرة في العمق الاستراتيجي لتركيا يرى ان البعد الحقيقي له في جزيرة العرب بنفس اهمية المرور عبر البسفور الي اوربا بنفس الاهمية الاستراتيجية مع الجمهورية الاسلامية في ايران بنفس القدر التي تخرج به تركيا منتصرة في عيون اطفال غزة في حواريهم الضيقة وبنفس اهمية التغلغل التركي في البحر المتوسط وحلف الناتو ..

لابد له ان رأها وهي ترتفع في السماء اللبنانية بلونيها الازرق والابيض اتية من فلسطين المحتلة ليتفهم الرسالة ..ولينظر في قوة وبابتسامته الماكرة ويضيف امام عدسات المصورين : "أنا أشهد أيها العرب أن ما تريده إيران في فلسطين هو ما يريده الشعب الفلسطيني في فلسطين، ما يريده العرب وما أرادوه خلال 60 عاماً أن تعود أرض فلسطين لشعب فلسطين أن تعود من البحر إلى النهر وأن يعود كل لاجئ وأن يقيم هذا الشعب دولته المستقلة علي أرضه المحررة بالدم."

ويضيف ايضا وهو ينظر الي الجهة الاخري من الحدود :" هذا هو مشروع إيران لفلسطين وهذا هو موقف الإمام الخميني وقرار الخامنئي، وذنب الرئيس نجاد أنه يعبر بشفافية ونقاء وصلابة وشجاعة عن هذا الموقف وعن هذه الرؤية في كل مكان في العالم."


يصرح نصرالله بهذه الكلمات وهو يفكر بايران ثم ينتقل ذهنه فيما هو ابعد من فلسطين جغرافيا ويقول بملأ فيه :

ان الجمهورية الإسلامية مع شعارات العرب التي أطلقوها في زمان (الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر) ثم تخلى عنها الكثيرون.

اظن ان وزير خارجيتنا كان يسمع هذا الكلام وهو يلعب في ملعب اخر اظن انه غيط كنتالوب ...


الي اللقاء مع جولة اخري


مصادر :

تاريخ السلاجقة في بلاد الشام ، د محمد طقوش
محاضرات في تاريخ مصر الاسلامية ، د حمدى عبد المنعم حسين

مواقع انترنت :