السبت، 10 يوليو 2010

عصر نفوذ الوزراء


الشدة انتهت ..وانتهي معها عهد الرخاء والدعة ويأتي بعدها عهد السقوط والانهيار ..يأتي بعدها ملامح التغيير ولكن لاتظن ان هذه الملامح واضحة ولكنها ملامح رجل اضنته السنين وظهر في عينيه النعاس وفي جلد وجهه التجاعيد لترى نهايته القريبة ..
الدول مثل الانسان كما قال ابن خلدون لها بداية ولها نهاية بدايتها مع المولد قوتها في الشباب ثم تأتي الشيخوخة لتقضى علي الجسد ليتحول الي جيفة في قبر التاريخ وبعد تشييع الجنازة تقول رحمه الله كان رجل طيب او علي النقيض لا اراه الله رحمة والي مزبلة التاريخ وهكذا الدول ..

قلت سابقا ان الشدة المستنصرية كان لها اكبر الاثر في القضاء علي الدولة الفاطمية بالرغم علي امتداد سنوات طوال بعدها ولكن التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقليمية بل الدولية اتت علي الدولة الفاطمية لتنتهي ظاهرة السيطرة الشيعية علي الدول العربية من اقصي الشرق الي اقصي الغرب ..وصلت الدولة الفاطمية سواء بالجيوش او النفوذ الي مناطق لم تكن في خيال خلفائها ولا تصوارتهم حتي وصلت الي حدود الدولة البيزنطية (تركيا الان ) ووصلت بالنفوذ الي بغداد قلعة السنة العتيدة ومقر الخليفة العباسي ولكن علي اية حال لكل شىء نهاية وجاء وقت الانحدار ..

خرجت مصر منهكة من كل شىء وفي كل شىء انقذها بدر الجمالي في اللحظات الاخيرة بأمر من المستنصر الخليفة واصبح رئيس الوزراء بل انه اصبح الحاكم المتحكم في الدولة علي مدار السنوات الباقية من عمر المستنصر بالله ..اصبح اسمه امير الجيوش وكافل قضاة المسلمين بدر الجمالي ولم لا وهو حامي حمي الديار المصرية ..وكعادة الحياة الرتيبة والافعال العجيبة في السياسة وما سواها لابد ان يطغي بدر الجمالي وله الحق في ذلك ولك ان تتخيل ان يحجرعلي المستنصر في حياته ولايظهر الا في الاعياد والمناسبات الخاصة ليراه المصريون ضعيفا هزيلا لايقوى علي حكم البلاد نقول اختصارا مجرد شبح او صورة حاكم 30 عاما قوة و 30 عاما ضعفا وسبحان من يبدل ولايتبدل ولذلك حكمة ..

بدر الجمالي يموت ولكن قبل ان يموت يجعل ابنه والذى لقبه بالافضل منتحلا جميع الالقاب التي كانت لابيه وزيرا للمستنصر قبل ان يموت هو الاخر وقد اصبح الافضل هذا كاتب نزار ابن الخليفة ويصبح نزار هو ولي العهد والافضل وزيره ولكن الافضل ليس كأبيه بل انه داهية اجارك الله منه ولكن الله لم يجير نزار من شره حيث كان الافضل يركب حصانه داخلا قصر الخليفة ولما رأه نزار قال له " انزل يارمني يانجس " وما ان سمع ذلك اسرها في نفسه واقسم ان ينتقم منه شر انتقام وقد كان ..

البقاء لله وحده ..مات المستنصر بعد معاناة طويلة ..اذن نزار الخليفة والافضل وزيره ..هل انت تظن ذلك قارئى العزيز لو تظن فأنت مخطىء ..اين الانتقام اذن؟ ..الافضل يلعب لعبته ويقول لنزار هيا اخرج من هذا القصر ياصبي لانريد صغارا هنا
ويخرج نزار الي الاسكندرية.. ويخرج مؤيده الاكبر الحسن بن الصباح ليؤسس جماعته التي يساند بها نزار ظاهرا ويحقق بها اهدافه باطنا وكان قد اخرجه بدر الجمالي قبل ان يموت لانه استشعر منه الخطر علي اهدافه الرامية الي توريث الحكم لاخو نزار المدعو بالمستعلي صهر بدر الجمالي ..

اذن نفهم ان نزار هو العدو للافضل كما كان لابوه لانها مصلحة عائلية بالاساس ابنة بدر واخت الافضل زوجة المستعلي اذن يبقي هو الخليفة اما نزار فيخرج الي الجحيم ..
لم يخرج نزار الا الي الاسكندرية ذات المذهب السني والكراهية للفاطميين الشيعة ..واذا نصرت الشيعي نزار علي الشيعي الافضل وخليفته المستعلي فأنت امام واجب ديني ووطني هكذا كان يفكر السكندريون وشيوخهم السنة وبالفعل كانت الحرب
بين الطرفين..

الحرب تنتهي لصالح الاقوى والاقوى هو الافضل وخليفته وقد انتصرعلي الاضعف وهو نزار واهل الاسكندرية ..نزار يفر بنفسه من الاسكندرية لتلاقي مصيرها امام الافضل التي بطش بها بقوة من حديد مصهور علي رؤسهم الثائرة حتي يتأدب هؤلاء الثوار ويحترمون الشرعية حيثما كانت واينما حلت ..

تم القبض علي نزار وعذب وقتل بطريقة بشعة اظن انك اول مرة ستسمع بها ..بني عليه جداريين ..ما رأيك في هذه القتلة بشعة اليس كذلك ؟ ولكن لابد بها لعصاة الخليفة ولعل نزار وهو يموت يتذكر الان مقولة ياأرمني يانجس التي قالها للافضل
ولعله ندم ندما شديدا ولكن لافائدة ..

الاحوال تتبدل وتتغير من حولنا في العالم الفسيح ..والعالم الذى اصبح قرية واحدة ..متي واين سمعت هذه المقولة في العصر الحديث اليس كذلك ؟ولكن اكيد سمعتها من عقلك الباطن الان الذي يقول لك اكيد انت تعني العصر الحديث دون غيره ولكنك لو ملم ببعض المعلومات التاريخية العقيمة التي يلقونها علي مسامعك في المدرسة كنت سمعت بشخص يدعي الاسكندر الذي نجح في ان يكون العالم بشكل او باخر تحت قيادة الاغريق الثقافية ..او سمعت بالحروب الصليبية التي في ظاهرها دينية وفي باطنها الطمع والجشع الانساني المعروف والمتداول ..

اكيد سمعت يها وسمعت الان ان الكون فسيح ظاهرا ولكن في باطن الحقيقة ضيق كثقب باب تنظر منه علي صندوق الدنيا بعقلك ووجدانك ..
اذن اتت العاصفة الاوربية المسماه بالصليبية ..يقولون اذا جاءت العاصفة اهرب واجعل ولدك تحت رجليك والي اخر هذا الهراء ولكن العرب في هذه الايام ارادوا من الاستفادة بهذه العاصفة في تحريك مصالحهم وتطلاعاتهم وليذهب الاخر الي الجحيم ..لم يفهم العرب كالعادة حقيقة الصلبيين الا بعد فوات الاوان الا عندما تم الاحتلال ظنوها غزوة او نزوة من هؤلاء القادة ذو اللحي الصفراء والعيون الزرقاء وستنتهي ولكن افاقوا علي حقيقة مفادها انه مشروع اوربي ضخم لاستنزاف الثروات العربية وليذهب العرب الي اختلافاتهم المذهبية والعرقية والقبلية وكفي الله المؤمنين القتال ..

كانت الشام مقسمة الي جزئيين جزء مع دولة السلاجقة السنية والتي كنت تحارب الفاطميين الشيعة واستولت علي الشام كله ماعدا فلسطين التي كانت في كنف الفاطميين واحتفظوا بها قبيل مجىء الصليبين ..السلاجقة انهاروا امام القوات الصليبية
وقعت الشام في ايديهم ماعدا فلسطين ..فرح الافضل لذلك لظنه ان الحرب انتهت وان الصليبيين قضوا علي اعدائه اذن فالصليبيين اصدقاءه ..

ارسل الافضل ليتحالف .. ارسل الافضل ليؤازر ..ارسل الافضل ليبايع ..ارسل الافضل ليبارك خطي الصليبيين
ارسل الافضل لان هذا موقف مصر الرسمي من القضية ..ارسل الافضل لمصلحته الخاصة ..
السفارة المصرية في معسكر الصلييبين واستقبلها الصليبيين بالترحيب ولم يدخلوا في اية مباحثات معها واستغلوها في معرفتهم بمدى الجو العام في القاهرة واعتبروه ضوء بجميع الالوان للانقضاض علي هدفهم الاول والاخير
الي اورشليم ..الي القدس

يتبع ان شاء الله