الاثنين، 17 يناير 2011

تصبحون علي ثورة(عندما يستباح الحرم )


عندما يستباح الحرم حتي تقضي علي الثورة ،الفاسد المتجبر لا يلقي بالا بالاعراض بالممتلكات بمظاهر الدين ،يلقي بالا بنفسه بذاته بعرشه الذى لا يريد ان يقوم من عليه ولو خلسة من الزمن ،يريد ان يحرق الجميع ،يحرق الشعب ويسحل المعارضين ويقتلهم ويعلقهم، شعاره ذاتي ذاتي ويذهب الجميع الي الجحيم ...

معاوية بن ابي سفيان الذى اصبح الخليفة بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة حتي يحقن دماء المسلمين ،تنازل عنها ليجمع الله به فئتين عظيمتين من المسلمين كما تنبأ جده عليه الصلاة والسلام ..معاوية الذى اصبح خليفة الان استقرت له الامور ودانت له الدولة وسيطر حتي العام 60 ولكن قبل هذا العام بحوالي 7 سنوات كان يمهد لابنه كي يكون وريثا له علي سدة الخلافة ..يزيد يصبح خليفة هكذا قرر وخطط معاوية ..

وهكذا احس الصحابة بصعوبة الموقف ، بالفعل الموقف صعب ،معاوية يريد ابنه كل المؤشرات تخطو حثيثا الي هذا المفهوم ويخطو معها تخطيط معاوية وتدبيره لجعل الخلافة في عقبه لا شورى بين المسلمين بحجة الاستقرار وحجة عدم هدر دماء المسلمين ، الاستقرار الذى تم انتهاكه اساسا منذ فتنة عثمان بن عفان والدم الذى اهدر بين المسلمين ايام علي بن ابي طالب ،الدم والاستقرار اللذان علقا في رقبة الصراع القبلي بين المسلمين بين اموية و علوية و عباسية فيما بعد ،كل هذه البيوتات من قريش ولابد ان يكون الامر في قريش وقريش انقسمت علي نفسها بعد الرسول صلي الله عليه وسلم وجاءت الفتنة تبث رياحها الشريرة علي الكل، وتقاتل الجميع تحت عنوان كبير اسمه الشرعية

الشرعية التي اهدر دمها بين القبائل او بالاحرى بين بيوتات قريش الثلاث علي مدار التاريخ الاسلامي بدايتها من هذه الحادثة وهي تولية يزيد بن معاوية الخلافة ،اثر معظم الصحابة والتابعين والناس في بيعة يزيد ووافقوا علي حجة معاوية في تولية الامور الي ابنه بنفس ذات الحجة "الاستقرار وعدم هدر الدماء " واعترض اخرون علي يزيد ..

من ضمن المعارضين( الحسين بن علي وحفيد رسول الله صلي الله عليه وسلم) (وعبد الله بن الزبير) حيث اعترضا علي يزيد بن معاوية بل ان المبدأ ذاته هو من جعل الحسين وعبدالله يشقان طريق الثورة في النهاية ..

شرعية الحكم انتهكت هكذا رأى الحسين وهكذا فهم ابن الزبير وعلي هذا الاساس قاموا بالثورة والتف حولهما حشد هائل من المسلمين مما يدل ان المبدأ في حد ذاته كان سيئا اقصد بالمبدأ هنا مبدأ التوريث بدلا من الشورى التي هي من اهم مبادىء الحكم في الاسلام وتصل الي درجة الفرض علي المسلمين ،هناك من يبرر لمعاوية وهناك من يدافع عنه اشد الدفاع وهناك من يهاجمه علي هذا الفعل ..لن نخوض في نوايا الرجل فهو مات في 60 هجرية ليترك المسلمين في حروب تنتهي ببشاعة منقطعة النظير ..

يزيد خليفة ..الحسين رافضا للبيعة ..ابن الزبير يتحين للثورة هكذا كان المشهد الجلي في افق الامة ولابد للمسلمين ان يشاهدوه اما عاجلا او اجلا ...الحسين يذهب الي العراق مهد الثورة ومنبت التمرد ليكون بين انصاره وانصار والده من قبل ليجد ملاذا وقوة ليبدأ الثورة من هناك شعاره "لابد للشرعية ان تجد طريقها الصحيح " وطريقها يبدأ بالثورة علي يزيد بن معاوية الذى ليس له حق في خلافة اخذها من ابوه كأنها ميراث شخصي ..

الحسين يقاتل بقوة وشجاعة حتي بعد نفض اهل الكوفة والعراق نصرته ليلقي ربه بعد قليل في المعركة ويقتله عامل الامويين علي العراق عبيد الله بن زياد ويموت حفيد الرسول عليه الصلاة والسلام والبقية تأتي ...

عبد الله بن الزبير يبدأ ثورته ،كان عبد الله اول مولود في المدينة بعد الهجرة امه السيدة( اسماء بنت ابي بكر) وجده (ابو بكر الصديق) ووالده (الزبير بن العوام )رضي الله عن الجميع ..له مكانة عظيمة بين اهل الحجاز لذلك تزعم الثورة وخلع بيعة يزيد واتبعه الجميع علي ذلك بل انه دلل ان يزيد غير اهل للخلافة من الاساس ناهيك عن المبدأ الذى كان ابن الزبير يتبعه هو الرجوع الي الشرعية في اختيار الخلفاء وهي الشورى التي انتهت علي يد معاوية وابنه واعلن علي هذا الاساس الثورة ..

كانت منبت الثورة في هذه المرة مكة والمدينة وانتشرت الي العراق والي مصر بل الي الشام نفسها مركز الامويين وهددت بالفعل عرش الامويين وامتدت الي عهد ما بعد يزيد حيث مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان ولكن هل هذه الثورة علي حق ؟؟

بالطبع لن املك الاجابة لانها واضحة مثل الشمس في السماء في يوم يخلو من السحب ، السحب التي تحجب عن الجميع الحقيقة وتحجب الجرح النازف بمجموعة من المسكنات العاجلة لتجعل بعد ذلك الجرح داخليا غير ظاهر حتي يتطور الامر الي جراحة عاجلة في لحظة لا يمكن انقاذ المريض ابدا لانه يكون في عداد الموتي وهذا ما حصل بالفعل مع الدولة الاموية ..

الثورة تشتعل ..يزيد اكثر اشتعالا منها حيث يخاف علي ملكه ويبعث (الحصين بن نمير ) ليقضي علي الثورة بكل عنف ويبدأ بالمدينة المنورة وتبدأ المأساة ..

لم تكن المدينة تتخيل يوم من اسوأ ايامها في التاريخ مثل هذا اليوم الذى سمي بوقعة الحرة ، هناك شىء من التهويل والتضخيم ذكره بعض المؤرخين وهناك من الاكاذيب التي كتبت بدافع حزبي خاصة من الشيعة وللكن معظم المصادر وضحت ان المدينة استبيحت والتي بمعني سرق ونهب وقتل ولا وجود لاستباحة اعراض نساء الانصار كما اوضحت كتب الشيعة..

(هذا الموضوع قتل بحثا بالمناسبة وتم توضيح الامر حديثا في كتب شتي ولكن في رأى لا يمكن الدفاع ابدا عن جيش قام بمطاردة الثوار فمن المؤكد انه ارتكب الفظائع حتي لو قتل رجل واحد فهو عند الله عظيم ولكن دائما تدخل الطائفية والمذهبية لتضيع الحقيقة العلمية في النهاية )

علي اية حال باتت المدينة هادئة كهدوء ما بعد العاصفة وبعد ان استمرت الفوضى ثلاثة ايام علي يد الجيش الاموى توجه ذات الجيش ليفرض الحصار علي مكة التي تعرضت للضرب بالمنجنيق وحدثت اضرار كبيرة بالكعبة وكان ذنب مكة الوحيد انها مركز الثورة وفيها رأس الثورة عبدالله بن الزبير لكن سرعان ما فشل هذا الحصار لان اخبار جاءت من دمشق تعلن بموت الخليفة يزيد بن معاوية الذى مات في اثناء هذا الحصار ....

يموت يزيد ويترك الثورة المشتعلة وولده معاوية الذى لم يعمر طويلا حيث كان يتبني الشورى ويريد ان يتركها للمسلمين شورى بينهم ولذلك اختفي في غموض تام من الاحداث ويقال انه قتل ..

بعد هذه الاحداث يتولي مروان بن الحكم الذى قضى نوعا علي الثورة في الشام وانقذ دمشق من الثوار ليتركها لابنه عبد الملك بن مروان الذى ينتهج سياسة القوة والعنف مع انصار ابن الزبير ويقضي علي الثورة في العراق بفضل رجل المهام الصعبة (الحجاج بن يوسف الثقفي ) والذى ولاه فيما بعد ولاية الحجاز ليقضي تماما علي الثورة ..

وهنا يأتي المشهد الاخير ..كان الزبير يكافح من اجل الحق ومن اجل ازاحة الامويين من الحكم ..عبدالله ابن الزبير الذى حارب لمدة عشر سنين من اجل ان يدافع عن الشرعية الحقيقية التي ارساها المسلمون بعد النبي وهي الشورى

يدافع من اجل حق المسلمين في تولية خلفاءهم ومحاسبتهم يريد ان ترجع راشدية مرة اخري يريد ان تخرج من دائرة العصبية القبلية والحكم العضوض ولكن ينتهي ابن الزبير علي يد الحجاج بن يوسف الذى يضرب الكعبة بالمنجنيق ويقتل عبد الله بن الزبير الذى تشجع قبل موته في المعركة بفضل كلمات امه اسماء عندما قالت له كلاما حماسيا وانه يدافع من اجل الحق ولا يضيره شىء ....

ماتت الثورة ومات ابن الزبير وبقيت الدولة الاموية وبقيت ثورات اخرى قامت ضدها حتي النهاية ..نهاية الدولة ..

ملحوظة ( بالطبع المطلع علي هذه الفترة يجد كثيرا من اللغط حول شخصية يزيد بن معاوية بالطبع الشيعة يعملون علي تشويهه والسنة يدافعون عنه ولكن ما يهمني الحقيقة فقط ورأى الخاص ان يزيد كان مسئولا علي اية حال عن هذه الاحداث السابقة سواء دافعت عنه او قدحت فيه وفي النهاية تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم)