الجمعة، 25 فبراير 2011

اغنية المرمر


ليست ككل الاغاني هي ..لكنها اغنية المرمر الوحيدة في العالم ..كيف اصف لك اغنية المرمر من غير صوت رخيم يشدو وانغام تترنم في الافاق تسمعها مع احساس ملائكي بالصفاء والنقاء الذى خلقه الله من اجلك في هذا العالم المزدحم بالمشاكل والظلم الذى لا ينتهي الا بانتهاء هذه الكرة المليئة بالجنون وفناء كل من عليها من الصالحين والطالحين علي السواء ..

بنقاء الطفل الذى يتعلم الكلام ،ينظر اليك بعين بريئة ،يخاطبك بلسان الاحاسيس المعنوية بغير كلام مفهوم ولا منطوق ،بل انه يفتح قلبه كغرفة فتحت ابوابها الثمانية علي المشاهدين كي يروا كل ما فيها من الكنوز التي لم يراها بشر ولا يتحسسها جن ..انها الحياة بكل معانيها ،انها الحياة عندما تنطق في كلمة واحدة ملموسة ومحسوسة ومعنوية بحرفين قد يكونا في كلمة غيرها من اشد الكلمات ولكن في هذا المقطع من اغنية المرمر تعني شيئا اخر ..انها اغنية المرمر ..انها اغنية الحب ..

نترك الكلام المبهم ياسادة ياكرام الي اقصوصة تعني كل كلام الاغاني والقصائد اريدك ان تترك كل مافي يديك ان تصغي الي بكل كيانك ،ان تستنشق لمدة ثانية ،ان تتخيل انك بين نهر وخضرة شاسعة .......... فعلت ذلك ؟ اذن اتبعني ...

" سوق المينا الذهبي " :

" شاه جهان " ولي العهد الهندى يتجول في هذا السوق ..ينظر الي الرعية والي البضائع المختلفة وينظر الي ..... رأها وعندئذ وقع في حبائل حبها ،وعندئذ بدأت الحكاية والاقصوصة التي خلدت علي صفحات التاريخ الي الابد ،انها " ممتاز محل " الفتاة ذات ال15 ربيعا ابنة رئيس الوزراء ، عندئذ يهرول شاه جهان الي والده الملك يطلب منه ان يتزوج منها ولكن ..........

لحسابات السياسة شأن اخر :

السياسة الملعونة تحتم علي ولي عهد البلاد ان يتزوج من اميرة فارسية لوجود تحالفات ووجود صفقات سياسية الزواج جزء منها بطبيعة الاشياء ،لكن هذه الطبيعة لا تتمشي مع هوى ولي العهد الذي يهيم حبا بممتاز محل وذلك عندما رأها للمرة الاولي والاخيرة حتي الان ،يتزوج شاه جهان من الاميرة الفارسية الي حين يأتي الفرج ..
والفرج يأتي بعد 5 سنوات كاملة عندما يتأتي للفتي المغرم بالزواج من محبوبته ممتاز محل ....

ممتاز محل :

تخيل معي ،فتاة جميلة ذكية تشع ادب جم وخاص بها ، تحب الموسيقي وتقرض الشعر بالفارسية ،تعلمت جميع الاداب الملكية او ادب البلاط كما يحلو للبعض وصفه ..تتزوج من شاه جهان الفتي المغرم بها من اول نظرة يعيشان في القصر الملكي في هناء وسلام ونقاء وصفاء و............ انها الحياة المتقلبة المزاج ،دوران الكرة الارضية يأبي ان يكون علي حال ثابت ..

المأساة :

شاه جهان ولي العهد يستشير زوجته ممتاز محل في كل الشئون السياسية المحيطة في المملكة مما يؤدىالي حنق الملك الاب منه ومن زوجته واستمرت النقمة والغضبة الابوية الملكية لمدة 8 سنوات كانت من اصعب ايام شاه جهان وممتاز محل علي السواء ، يعيش شاه في عزلة تامة وزوجته تساعده في هذه العزلة علي اجتياز الازمة وهو يقدر معانتها من اجله الي ان يأتي الفرج من الله .................

ايام العز :

تتبدل الاحوال وتنقشع الغمة ويصبح شاه جهان هو ملك الهند المبجل بعد ابيه الذى مات بالربو ،يدخل شاه جهان في حرب وراثة قاتلة دموية ولكنه يخرج صلبا منتصرا ومعه ممتاز محل التي لم تتركه وحده في المعارك مثلما لم تتركه وحده في الازمات السابقة ،ممتاز هي مستشاره الخاص ،عشيقته ،ملهمته ، حبيبته التي يكن لها من الوفاء ما يملأ انهار الارض من ماء يكفي الي قيام الساعة يرتوى منه الناس وكأن هذه الانهار تخرج من الجنة ذاتها ..

اظن انه تذكر عندما توج امبراطورا علي الهند لحظتها اسرع اليها ليرى الفرحة التي تقفز في عينيها الحالمتين ،لتسرع هي بدورها الي الفقراء والمحتاجين وتقدم لهم الذهب والفضة والجواهر وكأنها تشرك الفقراء فرحتها بزوجها وتحصنها بحب الناس اجمعين للملك الجديد ...

اظن ان شاه جهان الذى يلقب بالملك العادل لم يكن يحصل علي هذا اللقب الغالي الا بدور مستشاره الاول التي هي نفسها زوجته التي تساعده في شئون المملكة ،ولعلها اشارت عليه بهذا العدل واشارت اليه بنصحاء يديرون مملكته الواسعة من الاطراف الي الاطراف حتي اطل العدل في اوسع معانيه ومعه الحب بين العشيقين في اوسع مايكون هذا الحب في القلوب ..

غزواته العسكرية كانت هي فيها ، اعماله الخيرية التي تولتها بدلا منه لتعطف علي الفقراء والارامل ، كل اعماله السياسية التي استشارها فيها ،زوجته ، حبيبته ، اولاده منها ، لحظات الصفاء والهناء التي عاشها سويا ، اللحظة التي رأها لاول مرة في السوق كل هذا يتجلي امام عينيه في دقيقة واحدة كانت من اصعب الدقائق في حياته وحياتها ايضا التي انقضت في هذه الدقيقة بالذات ......ماتت ممتاز .. لتترك الزوج في حسرة وحزن لاحصر له ليعيش العقدين الباقيين من عمره دونها ولها ايضا .......

الوفاء في اجمل معانيه :

اوصته ممتاز محل الا يتزوج بعدها .. الا يحب امرأة مثل ما احبها ، ان يزور قبرها دوما ،يدخل شاه الي قصره ليقضي حداد امتد ل8 ايام متواصلة بعدها يتحول الي رجل وفي بكل ماتعنيه الكلمة من وفاء يقرر ان يبني لها ضريحا يكون فيه رفاتها ويكون فيه سلواه عنها في مقتبل الايام ..

اغنية المرمر :

ليست ككل الاغاني ..ليست ككل المعاني ..ليست ككل المباني التي تحوى ذكراه مع رفاتها ..انه تاج محل ..قصة المرمر مع شدو الحياة ..
بعث الي من يعتقد هو من بناه ويدعي المعلم عيسي وهو تركي الاصل وخططه محمد خان وعبد الغفار واصبح في ابهي صوره وروعته واناقته عندما بدأ المرض ينتشر في اوصال شاه جهان وبدأ الموت يناديه وبدأت الخيانة من الاولاد من اجل العرش تسلبه ما فعله من اجل الامبراطورية عندما تنازع الاولاد علي العرش واودع احدهم شاه نفسه في ظلمات السجن ليتجرع مرارته وظلمته ولعله ما كان يهون عليه هو ذكرى ممتاز التي تداعب خياله دوما لتقول له لقد اوفيت العهد واثبت لي انك تحبني حتي الموت ..

يتحول تاج محل الي رمز ..الي دمعة علي خد الخلود كما قال الشاعر الهندى طاغور او الي اغنية المرمر المعطرة في الافاق كما قال نهرو ..

لمن يريد ان يسمع اغنية المرمر واغاني الحب الاخرى اهدي اليه هذه الاغنية الخالدة ........