الأربعاء، 12 مايو 2010

برنامج سياسي


فيالدول الحديثة مفهوم يدعي البرنامج السياسي للرئيس وهو برنامج يوضح فيه الخطة المستقبلية للدولة طالما وجد هذا الرئيس سدة الحكم وغالبا مايكون البرنامج مطروح في الساحة الانتخابية بل انه الاساس الانتخابي وعرض الاراء والاجوبة والمناظرات التي تتم بين المرشح صاحب البرنامج وبين معارضي هذا البرنامج ...

حتي الان نعرف ان هذا هو المتداول ولكن هل تعلم عزيزى ان الدولة الاسلامية سبقت كل ذلك مع بعض الاختلافات البسيطة وسأعرض برامج سياسية تمت منذ عام 11 هجرية عندما توفي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وتولي ابو بكر الصديق الخلافة ليكون رئيس المسلمين في المدينة وكل الدولة الاسلامية الناشئة في الجزيرة العربية والخلافة في مفهومها الاسلامي المحض هي رئاسة المسلمين بالنيابة عن الرسول الاعظم اي ان الرئاسة تتضمن الناحية الدينية والدنيوية سواء بسواء ولكن بعيدا عن نظام الخلافة الذى كان فريدا من نوعه في اي نظام حكم موجود علي وجه الارض .......
كان المبتكر ايضا هو البرنامج السياسي الذى يعرضه بعض الخلفاء عن السياسة المستقبلية اثناء توليهم الخلافة مثلها مثل اي دولة حديثة الان واترككم مع خطبة ابو بكر رضي الله عنه في اول يوم تولي فيه الخلافة وكانت في الخطبة ملامح النهج العام الذي سار عليه ابو بكر علي مدار سنتين هي مدة خلافته :

لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".

كانت هذه الخطبة الموجزة تلخيصا لبرنامج سياسي قيم جدا سار عليه رضي الله عنه والان دعوني احلل هذا الخطاب بالتفصيل كي نتعرف علي ملامح سياسته والظروف التي كانت تمر بها الدولة انذاك وهذا التحليل من وجهة نظرى المتواضعة التي ممكن ان تكون علي خطأ او صواب ولكم كل الحق في الاختلاف معي ومناقشتي في الامر.......

اولا : يجب علينا ان نمر سريعا علي الاحداث والظروف التي مرت منذ وفاة الرسول الي اليوم الذى اصبح فيه ابو بكر الخليفة الاول كان الناس في صدمة مروعة جراء وفاة نبيهم وامامهم وقائدهم وكان المتماسك بينهم ابو بكر نفسه حتي عمر المعروف بقوته وشدته انهار من هول الفكرة وعثمان لم يتحرك من مكانه عند سماعه الخبر ..علي اية حال تمت البيعة بعد شد وجذب بين الانصار الذين كانوا يريدون واحد بينهم سعد بن عبادة ورشحوه لخلافة النبي بينما اصر المهاجرون علي اختيار ابو بكر وانتهي النقاش والجدال الي اختيار ابو بكر الي اسباب عديدة ولكن يجب ان اوضح شيئا مهما وهو النقاش والجدال بينهم لم يكن معركة كلامية او تنابذ او اختلاف ولكنه كان نقاشا يسوده روح المحبة والوئام كما علمهم نبيهم صلي الله عليه وسلم اما عن اسباب الاختيار :

1/ انه اول من اسلم من الرجال ........2/ كان رفيق النبي في الهجرة ........3/ شارك في جميع غزوات النبي

4/ مكانته عند النبي وكان امام المصلين اثناء مرض الرسول الاخير

واسباب عدة اخري تتعلق بحب الرسول لصاحبه ابو بكر الذى رافقه منذ بداية الدعوة حتي النهاية ...

وكان ذلك شرح لقد وليت عليكم ولست بخيركم

ثانيا : قوله ان احسنت فأعينوني وان اسأت فقوموني : وبذلك يرسخ ابو بكر مفهوم المعارضة السياسية ويفتح للمسلمين حرية الاعتراض علي اعلي سلطة في الدولة الخليفة نفسه وليس السائد عندما تعترض علي الحاكم يخرج لك من يعترض علي فعلك الأاثم ويعرض عليك اية من القرأن " واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم " ويسكت

ولم يكمل الايه علي طريقة لاتقربوا الصلاة حيث لابد في هذه الاية ان تصلها الي قوله تعالي فان تنازعتم في شىء فردوه الي الله ورسوله اي ان تعرضوا القضية مثار الحديث الي منهج الله في القرأن والذى بمثابة الدستور ومنهج الرسول الشارح العملي لهذا الدستور اي ان ابو بكر فهم الايه عمليا وطبقها في قوله ذلك وبذلك كان فاتحة لما يسمي الان حرية التعبير والمعارضة التي اصبحت واجب علي كل مسلم من رعايا الدولة.......

ثالثا: الشفافية المطلقة بين الحاكم والرعية في قوله الصدق امانة والكذب خيانة اى ان القرارات التي يتخذها الحاكم لابد ان يعرفها الشعب سواء اهل الشورى منهم ام بقية الناس واهل الشورى في نظر علماء المسلمين الذين فصلوا مبدأ الشورى في الاسلام يجمع الرعية كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونسائهم غنيهم وفقيرهم ...

رابعا: قوله الضعيف فيكم قوى عندي حتي اريح عليه حقه ان شاء الله والقوى فيكم ضعيف عندي حتي اخذ الحق منه معني ذلك ان ابوبكر يرسخ مبدأ العدالة الاجتماعية ودولة القانون والمؤسسات وتكافؤ الفرص والعدل في الثواب والعقاب وقد اوجعوا رؤسنا به ليل نهار ولايطبق منه الا علي الضعيف اما القوى فأصبح له السيطرة والنفوذ والهروب الي الخارج باموال البنوك ووو ...الخ من المأسي التي نعيشها وهذا المبدأ ساقه ابو بكر من السواسية والاخاء والحرية التي طبقها الرسول في المدينة فور هجرته صلي الله عليه وسلم والاحاديث كثيرة في هذا المبدأ......

خامسا: الحث علي الجهاد وكانت ظروف الدولة تحتم ذلك الامر حيث فتنة المرتدون كانت تلوح في افق الدولة وقد دخلها ابو بكر هذه الحرب مصرا علي توحيد الدولة وانقاذها من براثن هذه الفتنة وايضا خطر الروم الشمالي واول عمل قام به الخليفة ابو بكر اتمام حملة اسامة بن زيد التي اقرها الرسول الي حدود الدولة الشمالية ..

مبدأ الجهاد والعزة الذى اختاره ابو بكر في هذه المرحلة الهامة وقد حذر المسلمون من ترك الجهاد والا اذلهم الله وقد كان عندما تركناه......

خامسا واخيرا: تحذير المسلمون من الفاحشة واشاعتها بينهم والا ابتلاهم الله بشتي صنوف العذاب في الدنيا قبل الاخرة وبذلك يرسخ مبدأ ان الحاكم ماهو الا متفاعل مع مجتمعه ليس في برج عالي لايدرى شيئا من افعال رعيته....

لكم التعقيب والاراء المطروحة لكم اريد مناقشة جادة علي هذا الموضوع وهذا رجاء من اخواني واخواتي المدونين

شىء اخر قد تتسائل الان لماذا وضعت صورة اوردغان لانني لم اجد ارتباط بموضوعنا واي حاكم عربي ووجدته في افعال واقوال اوردغان اما الحكام العرب فمكانهم معروف في مزبلة التاريخ

تحياتي للجميع