الجمعة، 29 يونيو 2012

العاشرة : الخطة " أمان "


في الغرفة المغلقة كان اللقاء ..ميمو حضر اللقاء ..كان مزهوا بنفسه ..أخيرا بعد عمله الطويل أن ان يحضر اللقاء الأهم في حياته ..كأنها محراب الماسونية ذاتها ..يحضر ويحلف القسم ..ويطيع رؤساءه ..ميمو وصل الي هذا المحراب بالرغم انه لم يكن في يوم من الأيام رقم 1 ..لكنه وصل الي رئاسة هذه الألة ..في انقرة كان اللقاء الاهم في حياته ..

لن أصف الرئيسة التي دخلت عليهم فهب ميمو وكل الحاضرين وكانوا يجلسون علي منضدة طويلة في إنتظارها ..لن أصفها لأمور تتعلق بخيالك ..صفها كما شئت ..لكني من الممكن ان أقول أنها مثل الحيزبون ..كانت مقيتة ..مقيتة للغاية .

قالت الرئيسة موجهة الحديث الي ميمو ..ماذا يحدث عندكم في مصر ياميمو ..الأمر لابد أن يكون تحت سيطرتنا ..أنت تعرف ان شبكة المصالح الكبيرة الأن في مصر في خطر كبير لابد ان نحافظ عليها ..أريد منك تقريرا الأن ..
بالطبع ميمو قص عليها كل ما يحدث بالتفصيل ..بالرغم ان الحاضرين صمتوا ..لانه يبدو أن الإجتماع مخصوص لمصر والأحداث التي تجري فيها .

حكي ميمو عن الخطة التي اتفقت عليها الأجهزة الامنية في مصر علي الإنقلاب الكامل علي الرئيس الجديد ..حكي عن خطة الإعلام في تشويه بعض الشخصيات وتمجيد أخرون ..حكي عن بعض الشخصيات القضائية المشهورة التي تم شراءها جيدا بالمال وأشياء أخرى لكي تؤدى الدور المنوط بها ..شخصيات دينية مشهورة تؤدى دورا ممتازا في المساجد والكنائس ..حكي ميمو عن خطة سميت في مبني جهاز أمني خفي في القاهرة ..تسمي " أمان " لكن ميمو كان متحفظا كما نبهه محسن بيه ...

سرحت الرئيسة ببصرها وقالت ..حسنا ..هناك أشياء أكبر منك ياميمو ..سأذهب بنفسي الي القاهرة في الشهر المقبل لكي اقابل الأصدقاء .

قبل أن يغادر ميمو الغرفة ..قالت الرئيسة له ..مندوبك هنا تخطينا معه الخطوة الأولي ..هو مجرد ترس في ألة ..مثلك ..ونظرت اليه نظرة ذات معني ..وأردفت قائلة : علي العموم هو سيفيدنا في شىء ما ..وفقط
ميمو رد عليها ..سنكون عند حظ الأصدقاء جميعا .. وغادر الغرفة ومنها غادر من تركيا الي القاهرة .


...............................

وأنا ذاهب الي المطعم كي ألتقي بسوزان ..رأيته فركضت نحوه ..كان الدكتور سعيد وزوجته وابنتيه الجميلتان ..أمينة ورقية ..كان الدكتور سعيد قد غادر أزمير في رحلة الي أنقرة ثم جاء الي اسطنبول منذ يوما وليلة كما قال لي وأكد لي أن هذا المطعم من أجمل مطاعم اسطنبول ويحب أن يذهب اليه كلما زار اسطنبول ..دخلنا جميعا الي المطعم ..ذهب هو وزوجته وابنتيه الي منضدة في ركن بعيد وذهبت انا الي سوزان ..وتواعدنا ان نجلس قليلا في المساء ..لكي نتحدث في أمور كثيرة ..

كنت مبتسما طوال اليوم مع سوزان ..تناولنا الغذاء ..وكان سر الأبتسام الصدفة الجميلة التي جمعتني بالدكتور سعيد ..أشعر بالأمان تجاه هذا الرجل ..سر غامض يجمعني به ..أريد كلما التقيت به أن ارتمي في احضانه ..كأن يمثل لي أبا وأخا كبيرا من أول يوم رأيته فيه في المقهي ...

ذهبت سوزان بعدما تناولنا الي الغذاء وقالت لي ..سألتقي بك صباحا كي نذهب سويا الي ميعادنا في العمل ثم نذهب الي لقاء الرجل ..فقلت لها حسنا نلتقي غدا ..فنظرت لي ..وهمست : أحبك ..ثم انطلفت مسرعة الي سيارتها ..
هذه الكلمة " احبك " لم تفعل لي شىء ..أعلم جيدا إحساس الحب ..جربته في مصر لكن بالفعل أنا لا أحب سوزان حتي الأن ..

................................

التقينا في المساء العليل ..جاء سعيد لوحده ..والتقيت به في مقهي علي خليج البسفور ..المنظر من هنا رائع للغاية ..والهواء عليل ..
قال لي الدكتور سعيد ..الوضع في مصر صعب ..أشعر ان هناك شىء يدبر له ..هناك صراع حقيقي في الدولة ذاتها ..كل شىء ينهار ..
قلت له وأنا اشعر بذلك ..وأشعر انني مكبل هنا ..أشعر ان مؤامرة شديدة تحاك ضدى هنا ياكتور سعيد ..
سعيد أضطرب وقال لي أحكي ياولدى ..فحكيت له كل شىء حتي الأن .....................
....................

يركض نحوى ..أجرى ..وأجرى وأجرى ...حتي وجدت حائط ...أتصبب عرقا ..عزت أتي الي ضربني بعنف بعنف ..ااااااااااااااااااااااه
أنتظرته حتي يأتي وينقذني وجاء بالفعل .......

..............

الصورة : البسفور ليلا

الخميس، 28 يونيو 2012

التاسعة : " الطريق مفتوح "!!


ذهبت الي منزلي ..وأنا في حيرة كبيرة مما فعلته سوزان .. كانت علاقتي بها حذرة للغاية ..لا أريد أن انجرف في علاقة قد تكون عليا وابلا من المصائب الكبيرة ..أشعر انني كائن لا يريد ان يحب الا فجأة ..صدق الذى قال ان الحب اللذيذ هو من يأتي بغتة بدون إستئذان ..أو أن تكون مرتب شىء ويأتي الحب ليكسر هذا الترتيب ويكسر الامر الرتيب ..

شعرت بالذنب ..لا اعرف لماذا ؟ هل لأنها قالت لي هكذا وأسرعت الي سيارتها وانطلقت بها ..لا أعرف كل هذا ..ثم انني في وقت الان ابحث عن سؤال أهم من كل هذا ...لماذا انا هنا ..ومن الذى يدبر لي مؤامرة ..ومن هو عزت ..وماذا يريد مني ميمو ..انا في دائرة مفرغة واريد الحل للخروج منها ..ومازالت أبحث عنها ...

........................

ميمو يصل في الخامسة فجرا الي أنقرة العاصمة التركية ..يحجز في الفندق الذى أعتاد عليه في زياراته الي تركيا ..دخل الغرفة التي قام بالحجز فيها ..يرتدي منامته ..ثم يرفع غطاء السرير ..ليرى .....رسالة ..

يفتحها بسرعة ..يجد رسالة تقول له ..." مهمتك ان تذهب الي الجنرال مسعود أوزيل ..هذا سيفيدنا إفادة رائعة ..كان مسئولا إعلاميا ..وستفهم منه كل شىء ..مندوبك في تركيا سنبدأ في إتخاذ الخطوة الثانية معه لتديربه ليصبح جاهزا في الوقت المناسب .."

نام ميمو قرير العين بعد هذه الرسالة ..يبدو ان كل شىء علي ما يرام ...

................................

من الطارق ...كانت سوزان بلباس المطبخ ..يبدو انها طاهية ممتازة ..فتحت الباب ..لتجدني ...
كنت قد قررت ان اذهب الي العمل ..وبعد أن انتهيت علمت أن سوزان لديها مهمة في أزمير وانها ستستغل ذلك بالذهاب الي بيتها ..فقررت أن أذهب الي أزمير لألتقي بها وأزورها ..وأيضا أتخذها فرصة لكي أذور الدكتور سعيد لكي أنهل من حديث وذكرياته التاريخية المهشة .
أنفرجت أساريرها عندما رأتي ورحبت بي بشدة ..وأدخلتني الي بيتها ..قابلني حسين رياض ..اها قلت لكم قبل ذلك أن اباها يشبه حسين رياض بشكل كبير ..القي السلام بفتور ..ثم ذهب الي الحديق الي تهذيبها ..
لم أرى الست أم سوزان ..بالطبع لم تكن تقوم بغسل غسيل الملابس في الحمام ..قالت لي سوزان انها تزور أختها في أنقرة ..حسنا ..سأتحدث مع سوزان فيما حدث ..

قالتها لي بكل صراحة ...أنها تحبني ..وأنا في صمت مطبق ..

..................
ذهب ميمو حتي وصل الي مبني ضخم ..كمباني الدولة العثمانية القديمة ..كانت فيلا رائعة ..مبهرة ..مخيفة في ذات الوقت ..
كان مكن الخوف مابداخلها ..كانت حفلة ضخمة .. وصل ميمو الي هناك منبهرا بهذه الحفلة حتي أشار له أحد القائمين في الحفل ليذهب الي غرفة ما في هذه الفيلا .. دخل الغرفة حتي دخل الي الي الجنرال " مسعود " ...
كان مسعود هذا ترس في الالة ..كان مساعدا للرئيس الذى سيلتقي به ميمو أخيرا ..ولولا المهمة الخطيرة لكانت هذه المقابلة من رابع المستحيلات ........

................................


بعد ان قالت لي هذه الكلمة ...أضطربت ..وقلت لها لنترك الامور تجرى كما يريدها القدر ..فوافقت علي مضض ..
قررت بعد أن خرجت من منزل سوزان أن اذهب الي الدكتور سعيد الذى وجدته هو الاخر في أنقرة ..هل هذا موسم الهجرة الي الي أنقرة ؟! علي العموم سأتي الي ازمير مرة اخرة .. أشتقت الي هذا الرجل ..أشعر أنني أحبه بالفعل وأحب أفكاره ..


ذهبت الي اسطنبول ومر العمل في يوم ما ..حتي جاءني ورقة ..مكتوب في كلمتين " الطريق مفتوح "....

سأموت كمدا من كل هذا ...يالله ماذا يحدث ...اريد أن أفهم ..الورقة وجدتها علي مكتبي صباحا .....
مزقت الورقة وخرجت من العمل الساعة السابعة لكي أذهب الي سوزان التي قررت أن تتناول معي العشاء في هذا اليوم ..قررت أن انسي موضوع هذه الورقة ..لكن ما حدث جعلني أستعيد هذا الموضوع ..يبدو انها رسالة خاصة جدا ...

..............................

كنت أمشي الي المطعم لأقابل سوزان حتي وجدته ...اضطربت وجريت نحوه ..................

الأربعاء، 27 يونيو 2012

الثامنة : طريق مظلم ..وذكريات واجبة


الأن يقترب ..يقترب ..أنه هو عزت الوغد يأتي الي من طريق جانبي ..الطريق مظلم ..لا أتذكر لماذا ذهبت الي هذا الطريق .. أشعر دائما بإختناق من الظلام ..أريد ان أودب ذاتي علي دخول هذا الطريق ..لماذا ذهبت اليه ؟ ..ذهبت الي الطريق المظلم بنفسي ولم أتذكر أن احد اجبرني علي دخول هذا الطريق ..أشعر بإختناق ..إختناق ..إختناق ... يأتي هذا الوغد من خلفي من حيث لم ادرى ويمارس طقوسه ويأتي بقطعة من القماش كأنه راية واختها سكينة يقتلان ضحيتهما في منزلهما المهجور في الإسكندرية في عشرينات القرن الماضي ..أشعر بنفس الإحساس ...عزت يخنقني ..وأشعر أنني أقترب من الموت ...حتي يأتي احمد بجلبابه الابيض الزاهي الذى يلمع في الظلام ويخلصني من عزت يضربه علي رأسه ...ليسقط عزت بدوره علي الأرض ...هو لم يموت بل أفاق سريعا من الضربة ويجرى بعيدا ...أنقذني أحمد ذو الجلباب الابيض الزاهي ثم أختفي ...ماذا اتي به الي تركيا ...بالتأكيد جننت ..اااااااااااااااااااااااااااااااه ....

............................................

بهذه الصرخة الأخيرة قمت من نومي وكأنني غارق في بحر من العرق ... قلت الشهادتين ..كان كابوسا مفزعا ...شعرت بأن كائن الجاثوم يغفو فوقي ويسحب روحي ببطء شديد لولا ان انقذني أحمد ...الان انا في ظلام الغرفة ..انا ابكي بشدة كالطفل الذى تاه في الطريق ......

................................

متأنقا كالعادة ..يقف أمام المرأة ..الليالي الماضية مرت عليه كالدهر ..بسبب ما تذكره من ذكرى سيئة ..
كان يميمو يتذكر ما حل به في السنة الأول عندما التحق بالعمل مع محسن بيه ..تذكر كل هذا عندما اتي الرجل الي القاهرة في زيارة هامة ..كانت العلاقات أنقطعت بين ميمو ومحسن بيه منذ سافر محسن بيه الي أوربا بعد تقاعده من الجهاز الأمني ..أو ربما يمارس النشاط ذاته في أوربا ..ميمو لا يعرف بالظبط ..ولا يريد أن يعرف .. أو بالدقة والمعني لا يراد له ان يعلم فهو 30 وليس 1 في الة الترس الذى اراد له محسن بيه أن يكون فيها ..لابد أن يكون محسن ذاته رقم من الارقم في هذا الالة ....
ميمو تذكر كل هذا طوال الطريق اليه ..الطريق الي محسن بيه ...

............................

كان محسن بيه الضابط المهم قد اتي من رؤساءه الذين اتصلوا به يأمرونه ان يأتي بسرعة البرق الي القاهرة ...
مصر تمر بظروف صعبة ولابد أن يأتي كل عنصر نشط في الدولة لإنقاذها ..لا مجال للحديث عن الحرب ها هنا ..ولكنها الظروف التي تلت الثورة ..نظام يتداعي ..شبكة مصالح تكوى ..إفرازات - اذا جاز التعبير - بدأت في الظهور ..شخصيات لم نسمع عنها ظهرت فجأة ..أموال من حيث لا ندرى بدأت في الظهور ..رجال يتحكمون في الإعلام فجأة ..حركة غير عادية ..وشىء غير مفهوم ..وشبكة تنهار لتقوم من جديد ..وثوار يهتفون ..وهديرهم ملأ الأفاق ..ليس أفاق ميدان التحرير الذى شهد الثورة ..ولا ميادين مصر من القائد ابراهيم في الإسكندرية الي ميادين الصعيد .. نحن هنا نتحدث عن ثورة ..

كل هذا يدور في فلك الغرف المغلقة التي كان فيها السيد محسن بيه وأسياده ..وكان ميمو امثاله العبيد ..ينفذون ..ويحمون سيدهم ..الأمر لا يتعدى فوق ما تتصور ..يتعدى حتي الحفاظ علي الامور التي تجعلك ما بين الحياة والموت ..هنا ليس المجال عن الحفاظ علي الحياة بقدر ما هو منظومة حياة تحارب منظومة حياة أخرى ..والمنظومة الاقوى هي التي ستنتصر في النهاية ....

خرج ميمو من اللقاء منتعشا ..أثني عليه محسن وغيره انه يقوم بتشويه الخصوم ويقتلهم معنويا ويرفع اقواما ويذل اخرين حتي لو علي أوراق الصحيفة التي يديرها ..حتي لو كان علي البرامج الذى يحل ضيفا فيها ...ميمو ينفذ التعليمات علي أكمل وجه ...منظومة حياة تحارب الأخرى من أجل ... الحياة .

.......................................

أشعر ان عيني كثمرتي الطماطم من فرط البكاء .. أتصلت بالوكالة وأخذت إذن بالإجازة المرضية لمدة ثلاثة أيام ...ولكنهم قالوا لي أن أرجع بأسرع مما يمكن حتي ابدأ في التحقيق المُطالب مني إنجازه ووافقت ..الحقيقة انني لا أقوى علي العمل ولا أقوى علي شىء الا علي البكاء والتذكر .....

أحمد ذو الجلباب الأبيض الناصع الذى أنقذني من الوغد عزت في هذا الكابوس ..لم يكن الا أحمد عبد الرشيد صديقي الذى قتل في ظروف غامضة في شقته بالزمالك ..لم يكن سوى زميل عمل لمدة ثلاث شهور فقط ..كانت كفيلة هذه الشهور الثلاثة لكي تشعرنا اننا أصدقاء منذ ثلاثين عاما مضت ...
كان أحمد متمردا ..شرسا في الحق ..مثقفا ..شاعرا ..أديبا ..
كان يعمل معي في المؤسسة التي كان ميمو رئيسها ..كان غير راضيا ..كان ثوريا أكثر مني ..اصُيب في كل المعارك التي خاضها الثوار مع الجيش ...ثم قُتل في النهاية ..لم نتعرف علي القاتل حتي هذه اللحظات التي أكتب فيها ..ولا نعرف ماهو السبب ..إلا انني أعرف جزءا من الحقيقة ..جزؤء من الحقيقة الغائبة عن أشياء كثيرة كان يحارب من أجلها ...أشتقت اليك ياصديقي ........

قطع جرس الالباب كل هذه الذكريات ...ولم يكن الطارق غير ...سوزان .

.......................................

يدق جرس التليفون الخاص بميمو في مكتبه ..
ميمو : ألو
الأخر : ميمو ..تركب أول طيارة وتجيلي فورا
ميمو : ححححااضر ياريس ..أنت تؤمر
الأخر : مش فكرناك قبل كدة ان حاضر دي مش قاموسنا ..الظاهر انك عجزت ..تيجي فورا
ميمو : تمام يافندم

..........................................

سوزان ؟ ماذا اتي بك ؟.. ضحكت وقالت لي بالطبع لن تريد أن تدخلني الي منزلك ..حسنا سأنتظرك في سيارتي الجديدة تحت وغمزت لي ..
لم أكن في مزاج رائق لسوزان ..ولكن حسنا سأذهب معها حتي لو كان المريخ ذاته ..........

........................................

ذهبنا الي السينما وشاهدنا فيلم أمريكي ..كان فيلم سمجا ..ظللت صامتا طوال المشاهدة ..وسوزان تنظر الي أيضا في صمت ..قالت لي سوزان بعد أن خرجنا من السينما .. ماذا بك ..قلت لها لا شىء يبدو انني مريض وأريد ان ارتاح قليلا ..قالت لي انت لست مريضا ..انت تكرهني ..ثم بكت وركضت حتي سياراتها وتركتني في الشارع لوحدى .
...............................

وصل ميمو الي تركيا ..ليجد شخصا لم يره منذ زمن ...كان الشخص الذى يرهبه ميمو ...يبدو ان المهمة دخلت مرحلة الحسم ..مرحلة اللاعودة .........

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

السابعة : ذكريات ..وتهديد ..وشىء مجهول


في سيارة مكيفة .. ينتظر ميمو " محسن بيه " بفارغ الصبر ..يبدو ان ميمو تذكر هذه الأيام التي كان فيها متخرجا ... محسن بيه المشرف عليه في المهمة التي تكلف بها ،أبتسم ميمو بصعوبة وهو يتذكر هذه الايام .. أكثر عندما .. لمحسن بيه انه يريد ان يكون رقم واحد بعد ان أختار له محسن بيه رقم 30 هذا اللقاء الذى جمعه به وتناقشا حول هذا الامر ...

ساعتها كان علي محسن بيه أن " يعطي درس خاص " لهذا الميمو .. حدث ذلك في عصر أحد الأيام ...
كان ميمو منتشيا بعد ان ذهب الي محل الحاتي المجاور لبيتهم ،،ليشترى " كباب " يبدو انها كانت المرة الاولي التي يتناول فيها هذا الكباب الذى أصبح هبابا بعد ان تم أختطافه .........
قُطعت هذه الأفكار السوداء في ذهن ميمو عندما نبهه مساعده ان طائرة محسن بيه وصلت وعليه أن يستعد لإستقباله ،،وبالفعل أستقبله بالترحاب الشديد وسط إبتسامة سمجة من محسن بيه ،،،

قال له محسن بيه : ازيك ياميمو
ميمو : عايشين بحسك يامحسن بيه
محسن بيه : ايه اخبار الشغل ياميمو ،،،،خلي بالك الفترة الجاية حساسة وعاوزين اننا نشتغل زي زمان ،،،سيبك بقي من شغل شريف باشا ،،،خلاص زمنه راح ياميمو هو دلوقت في طرة ،،،عاوزين نشتغل شغل نضيف ،،،،عاوزين نخلي الكلاب اللي خدوا السلطة يكرههوا حياتهم ،،،مفكرينها عزبة أهلهم ولاد الكلب ،،،،

ميمو : ياباشا ،،،الشعب مش هيصبر عليهم أكتر من كدة بقالهم تلات شهور وكل يوم مصيبة بتحصل ،،،شوية كدة وهينقلب عليه و...
قاطعه محسن بيه : مفيش حاجة اسمها شوية ॥احنا عاوزين في خلال مدة بسيطة تكون العملية مكتملة ،،،رجالتك لازم تشتغل ولازم تنفذ تعليمات رؤساءك ياميمو ... وشدد علي حروف "رؤساءك " ونظر له نظرة تعني الكثير ।

.........................

رجع ميمو الي منزله ،،،ليتذكر تلك الأيام هذه الايام ويتذكر الذكرى التي أصبح بعدها رقم ३०
خرج من عند الحاتي لتخطفه سيارة بها ثلاثة اشخاص ،،،وبعدها ذهبوا به الي منطقة مهجورة علي طريق القاهرة- السويس ،،،عاش ميمو فيما يشبه الكهف المهجور بين تعذيب وضرب واهانات لا حصر لها ،،،وكان معذبيه لا ينطقون بحرف ،،،كاد يجن ،،،كاد يموت من الجوع ॥كانوا يعطونه شربة ما كل ثلاث ساعات كي يعيش بها ...
بعد يومين جاءه الي هذا الكهف محسن بيه ،،،عندما راه ميمو ركع عند رجليه وقال له ارحمني ...وقل لي لماذا تفعل بي هذا ؟
فقال له محسن بيه : عشان متنساش نفسك بعد كدة وتقول عاوز ابقي رقم واحد ...مفيش حد اسمه عاوز ابقي رقم واحد في الرقم اللي يتعرض عليك وبس ،،،مفهوم ،،،وتطيع رؤساءك ياميمو ,,ها ؟
ميمو : حاضر انا ها....... محسن مقاطعا وبصوت عالي : مفيش حاضر فيه حاجة اسمها تمام يافندم ،،

تذكر ميمو هذه الذكرى ...وأجهش في البكاء كأنه طفل صغير ।

..............................................

تناولت الطعام كأنني لم أتناوله منذ سنين ، حتي انني ظننت أن معدتي ستنفجر بالفعل ، الاكل التركي لذيذ للغاية ।
حكيت لسوزان عن مقابلتي بالدكتور سعيد وقلت لها أطمئننت له ويبدو سيكون صديقي هنا .....فقالت سوزان الحمدلله لك صديق واحد فقط في تركيا ،،،
فقلت لا أفهم قولك : فقالت لي : نعم انا لست صديقة لك اليس كذلك ؟أنا أكثر من ذلك
ظل فاهي شاغرا ॥ولا اعرف بماذا انطق ॥إلا أنني قلت لها ان ازمير جميلة للغاية فتعالي بنا ان نكمل جولتنا ،،،لعل أجد الوغد عزت مرة ثانية فساعتها سأقتله .........................
......................

انتهت الإجازة في ازمير وحان وقت العمل .....
أعترف أن الوكالة كبيرة .....والعمل بها يعني الكثير لصحفي مبتىء مثلي تعلمت الكثير خلال ثلاث أشهر متتالية ،،،
العلاقة سوزان تتطور أكثر فأكثر وسط حذر مني بشكل كبير واندفاع منها بشكل أكبر ولكن علي أى حال مستمتع بهذه العلاقة العاطفية
العمل جيد ،،،أكتسب خبرة يوما بعد يوما ،،،
عزت اختفي ,,,,, وهذا ما يريب ويخيفني ،
أذهب الي أزمير كل اسبوع والتقي بالدكتور سعيد ،،، تعرفت علي زوجته الا انني لم ارى بنتيه لانهم يدرسون ومنشغلين للغاية حسب قوله ،،حسنا يبدو أنه صعيدى حتي هنا في تركيا ،،، ولولا ان زوجته دميمة الشكل لكان اخفاها عن انظر الناس !!! لكنه في المجمل يبدو لطيفا للغاية وودوا ،،، تعلمت منه الكثير عن تاريخ تركيا وعن تاريخ مصر بالطبع كنا نتحدث في كل شىء خاصة الوضع المتفجر في مصر مع صعود السلطة الجديدة وما بعدها من محاولات لجر مصر الي التفجير بما كل ما تحويه المعني ......

تأتينا أخبار متواترة عن حرق مصانع ,,,,,الهجوم علي مسيحيين وكنائس ،،، القبض علي نشطاء ॥أشياء كثيرة تبدو لك ان البلاد علي شفا انفجار وشيك ........

............................

جاءني جوابا هاما من إدارة الوكالة لكي أذهب الي بعض الشخصيات التركية لكي أعمل تحقيق خاص ،،،صحيح أن عملي مراسلا لن يمنعني بطبيعة الحال الي عمل بعض التقارير والتحقيقات الخاصة لذلك وجدتها فرصة لإثبات الت في هذه الوكالة ...وبدأت فيه بالفعل ،،

............................

في الظلام الدامس كان هناك ...يقترب يقترب يقترب .......... سيقتلني لا محالة ...

الاثنين، 25 يونيو 2012

السادسة : " هناك مؤامرة ما "


سوزان معي ..في يوم مشمس ..في أزمير الذى تبدو لي لطيفة وجميلة حتي الان ..يقولون ان ازمير هي جوهرة ولؤلؤة بحر ايجة ..وبالفعل هي كذلك ..أشعر بقرب هذه المدينة الي مدينة بورسعيد أو الاسماعيلية تشعر فيها بهدوء رغم أزدحامها بالسكان .



أقتادتني سوزان الي شارع تجارى مشهور هناك لا اتذكر أسمه ..وقالت لي أن هذا الشارع ملىء بالمقاهي والمطاعم القديمة التي تشعرك انك في القرن السابع عشر أيام سلاطين الخلافة العثمانية ذاتها ..حسنا يبدو لي انني بالفعل سأستمتع هنا ..لولا هذا الوغد الذى يدعي عزت ..

ظهر من حيث لا أدرى ..من شارع جانبي ونظر الي ..وابتسم ابتسامة سمجة للغاية أغاظتني فقررت أن أطارده ..لن يفلت مني هذا الوغد مرة اخرى ..فتركت سوزان وسط صراخها با لا افعل عندما قلت لها انه عزت الوغد ..ركضت نحوه مسرعا فجره بدوره في الشارع الضيق المزدحم الذى يشبه شوارع الحسين في القاهرة ..هو يركض وانا خلفه لن اتركه ..لن اتركه لن ..... حتي سمعت من خلفي شخصان من الشرطة المحلية يركضان نحوى ويقولا لي توقف ..توقف ..لن أستمع اليهما ..


أصبحت بهذا الوضع مثل " حرامي الغسيل " الذى يركض وخلفه البوليس ..عزت الوغد هرب بدوره وأختفي كالسراب ذاته ..

أما انا فهربت من الشرطة بأعجوبة ..ويبدو أنني ضللت الطريق .........حتي سمعت أنغام أغنية فيروزية من بعيد ..فقلت حمد لله يبدو أنني مثل عوكل الذى يريد مقهي المصريين لتنقذه من التشرد في شوارع تركيا ..وبالفعل رأيت المقهي وذهبت الي هناك منهكا متعبا وجلست علي اول منضدة صادفتني ..

........................................

خرج ميمو منتشيا كالعادة من الشخصية التركية الهامة الذى كان يزورها ..يبدو انه كان يجرى حوارا هاما معه ..أو لنقلها بمنتهي الصراحة ..لم يكن يجرى حوارا بقدر انه كان ينهل من خبرة هذا الجنرال التركي العجوز ..للاسف كان جنرالا ..تركيا ..وهذا يعني الكثير .

كان الجنرال التركي يدعي داوود يورك ..جنرالا متقاعدا ..كان يعمل في سلاح المدفعية التركية ..وتقاعد بعد فضيحة لحقت بهذا السلاح الذى كان ضالعا منذ أعوام مضت في إنقلاب قام به هذا السلاح علي الحكومة التركية أنذاك وفشل الإنقلاب ..وبعدها اُدين بعض الجنرالات والرتب العسكرية منهم داوود ..لكنه كان ثعلبا مراوغا ولم يثبُت عليه أى شىء ..لكنه تقاعد منعا لمزيد من الشبهات ..

ميمو زاره وأجرى معه حوارا صحفيا شيقا ..لكن الحوار الصحفي كان غطاءا لأشياء اخرى ..

ميمو يريد منه أن يأخذ كل شىء عن حياة الرجل يريد يستفيد منه أقصي الأستفادة ..وبالفعل كان يستفاد منه في كل مرة يزوروه فيها ...زاره أكثر من ثلاثة مرات ..في المرة الثالثة والاخيرة قال له داوود ..أرجو أن تكون استفدت من هذه الخبرة مني ..وأرجو ان يستفاد منها الأصدقاء في القاهرة .

بالطبع الاصدقاء في القاهرة كان ميمو فردا منهم ..هذا واضح ..بل انه كان رسول خاص من هؤلاء الأصدقاء الي داوود ..وربما كان داوود أحد هؤلاء المتعاونين للاصدقاء في القاهرة ..نحن نتحدث عن شبكة اذن ..شبكة مخابراتية مثلا ؟؟؟.................


..........................................

كان في الخمسينات من عمره ..يبدو أنه يحمل الكثير في فصه الأيمن لمخه ..يحمل الكثير من الذكريات ..أسمر اللون ..يبدو أنه جاء من أقاصي الصعيد من حقول قصب السكر بجوار احد المعابد الفرعونية ..أنه الدكتور سعيد الذى تعرفت عليه في المقهي ..

فبعد ان جلست مرهقا علي اول منضدة قابلتها ، جاءني النادل وقلت له أريد عصير من الليمون ، قلتها بالعربية ..فأبتسم النادل وقال لي أنت مصر ..يا أهلا وسهلا ..كانته لهجته خليجية فيما يبدو فسألته من أين قالي لي من العراق ..قلت له اهلا بك ..أريد كوب من الليمون لو سمحت ..تركني النادل ..فجال بصرى في أنحاء المقهي .

مقهي صغير ..تشعر وانت جالس فيه كأنك في مقهي الفيشاوى بالحسين ، يبدو ان صاحبه مصرى ..واضح جدا من الذوق ..و....... رأيته يقترب مني حتي جلس بدون استئذان وقال ليه اهلا بك ..انا الدكتور سعيد صاحب هذا المقهي ..

قلت له اهلا وسهلا ..ومن هنا بدأ الحوار لمدة ساعتين ..

كان ودودا للغاية ..مصرى هو من قنا ..وحصل علي الدكتوراه في التاريخ من جامعة أزمير ..ويعيش في أزمير منذ ثلاثين سنة خلت ..حكي لي عن صعوب العيش عندما جاء من الصعيد مهاجرا الي تركيا ..كان متخرجا لتوه ويعاني البطالة حتي عمل في مقهي تركي مشهور في مدينة ازمير ودرس بالجامعة وحصل علي الدكتوراه فيها ثم تزوج بتركية وانجب بنتين وافتتح هذا المقهي من ثلاث سنوات ..كانت هذه حياته ..

وحكيت له عن مجىء الي هنا وعملي بالوكالة التي عرفها ..وقال لي انها وكالة اخبار مشهورة

تحدثنا عن كل شىء ..عن مصر وعن الثورة وعن المرحلة الإنتقامية التي تلتها من العسكر ومن المؤامرات التي حيكت ضد مصر علي حد وصفه ..ومن اداء التيارات الاسلامية الهزيل فيما بعد الثورة وعن الانتخابات وعن كل شىء

كان مثقفا جيدا ..اعجبت بشخصيته ..ثم أعطاني كارتا يحوى اسمه وعنوانهوارقام هواتفه ..ثم قال لي ..سأراك ثانيا .وضغط بشدة علي ثانيا هذه

................................

تركت المقهي لكي ومشيت الي أخر الشارع الموازى له حتي وجدت سوزان ..ركضت نحوى وقالت ماذا حدث ..فحكيت لها كل شىء فأقتادتني الي مطعم صغير لنتناول الغذاء

.......................


بقامته المشدودة التي تدل علي عسكريته القديمة ..بنظرته الثاقبة وشكه في كل شىء ..نزل من الطائرة الاتية من المانيا الي مطار القاهرة ..انتظرته سيارة سوداء اللون كان فيها ميمو نفسه ..الذى لم ينسي ابدا العلاقة الحميمة التي كانت بينه وبين الرجل منذ السبعينات ..لم يكن هذا الرجل الا ....محسن بيه ....يبدو أن الايام القادمة صعبة للغاية

الأحد، 24 يونيو 2012

الخامسة : " دائرة مغلقة "


الان انا في اسطنبول ..أريد أن اذهب الي كل الاماكن التي قرأت عنها ..كنيسة أيا صوفيا التي تحولت الي مسجد ..صحيح ان السلطان محمد الفاتح أخطا في تقدير البعض عندما حولها الي مسجد ..لكن علي اي حال اتي هذا الوضع بنتائج مبهرة حيث تحولت ايا صوفيا الي مسجد فأصبحت كنيسة ومسجد بكل تفاصيلهما الرائعة ..

أريد ان اذهب الي حمام كي انتعش وأشعر ان جسدى تخلص من الارهاق الذى لحق به ..اريد ان اذهب الي كل مكان في اسطنبول الجميلة ..
اهاا ..بالطبع معي سوزان ..تبدو انها لم تشعر بالارهاق مثلي ..بل هي نشيطة للغاية ..بالطبع انا سمج في بعض الاحيان لذلك سألتها ما اذا كانت تتناول أقراص الترامادول لانها تبدو نشيطة ؟..

بدا عليها بالطبع عدم الفهم والبلاهة وقالت لا تناولت قهوتي في الطائرة وانت نائم ..ثم نظرت لي نظرة معبرة وقالت ..انت تصدر أصواتا مرعبة وانت نائم !!
ضحكت بشكل الفت العابرين في الشارع ..وقلت لها صحيح ..انا من الشخصيات التي تصدر موسيقي رائعة وهي غارقة في النوم ..وقلت في سرى ..الحمد لله لو كانت تفكر في علاقة معي ..فقد أنتهت الان ..

................................................

سرنا سويا في شوارع اسطنبول ..نحن في ابريل ..والجو رائع هنا علي عكس القاهرة التي يبدأ فيها الصيف من منتصف فبراير ..تناولنا الطعام في مطعم صغير ..ثم ذهبنا الي الفندق ..
قبل أن اذهب الي غرفتي ..قالت لي سوزان انها ستذهب الي مقر الوكالة في اسطنبول وستقدم اوراق الاعتماد لديهم ، أما انا فلدى اسبوع كامل قبل ان ابدأ اي عمل ..ذهبت الي الغرفة ونمت نوما عميقا لم انمه قبل ذلك ابدا .
صحوت في تمام التاسعة مساءا ..وقررت ان اتنزه قليلا في الشوارع القريبة من الفندق ..في أذني سماعات المحمول تطلق نغمات اغاني فرانك سيناترا وموسيقي الاب الروحي لنينو روتا ..

موسيقي نينو روتا بالذات تشعر انها خرجت لتوها من حقول القمح في جزيرة صقلية ..روتا هذا مبدع للغاية انه ..............................
" لا هذا أكيد ضرب من الخيال ، أو انه يشبه ..لا انه هو " كان هذا صوت عقلي عندما رأيت ذلك الشخص الذى يشبه " البودى جارد " الذى قال لي في شارع طلعت حرب : الاسف هيتردلك قريب !!!

فجأة أختفي هذا الشخص بين الزحام كأنه سراااب ...

علي أى حال لابد ان عقلي الباطن يلعب معي لعبة لطيفة أسمها الديجافو ..بالطبع لن اقولها لك أسأل العم جوجل عنها ..نحن هنا في رواية وليست محاضرة عن علم النفس ..

.....................................

علي اية حال نسيت الرجل ونسيت التعب وكل شىء في شوارع اسطنبول العثمانية القديمة ..والشوارع الجديدة ..اسطنبول فعلا دورة في تاج تركيا ..وبعد أسبوع ذهبت الي الوكالة ...وفي اليوم الاول رأيته !!

كان هناك بسماجته ونظرته التي تعني الكثير ..انه ميمو ..لا أردى كيف جاء ولماذا ..وأى مهمة جائت بهذا الشيطان الي هنا ..قفز الي ذهني قول الشاعر المشهور عندما قال لي انه كالشيطان ذاته يذهب الي كل مكان كأن الارض طوع يمينه!!

أول ما رأني ..قال لي اهلا بتلميذى النجيب ..بالطبع قضيت اسبوع ممتع في اسطنبول مع الحسناء سوزان ..
قلت له بل لوحدى ..كان ردى بعصبية مبالغ فيها ..وشعر هو بهذه العصبية وقال لي هدأ من روعك يافتى ستقابل ماينسيك هنا حياتك كلها ...أنا اثق في ذلك ..اها ..جئت كي اطمئن عليك هنا واذهب لكي اجرى حوارا مع مسئول تركي ..هل تريد ان تذهب معي ؟
قلت له لا شكرا ..ثم ذهبت الي غرف المراسلين المجاورة ليبدأ عملي الاول وسط عصبية وانفعال وضيق بسبب هذا الكائن المقيت ..في أول يوم يحدث هذا ..فماذا سيحدث بعد ذلك ..

...........................................
انتهيت من العمل وذهبت الي الفندق لانهي تعاقدى معه واذهب الي شقة قامت الوكالة بتأجيرها لي ..الشقة جيدة في حي متوسط من أحياء اسطنبول بينها وبين البحر ربع ساعة ..

دق جرس الباب ..استيقظت من غفوتي في شرفة الشقة ..فتحت الباب لأرى مالايمكن تخيله ..
انه هو الرجل " البودى جارد " ..اندهشت وخفت ..وانزعجت واضطربت وظل فاهي مفتوحا كالابله حتي قال لي ستفهم كل شىء ولكن أذن لي أن ادخل وأقص عليك ..
بالفعل اذنت له وانا مرعوب ..الرجل قوى فعلا ..لدرجة انني تخيلت في بعض اللحظات انه الفك المفترس وسيبتلعني لا محالة ..
قال ليه ..انه عزت ..فقلت له لا يهم ..من أنت ومذا تريد مني ..قالي لي انه مكلف من ميمو لحراستي .
ميمو ..حراسة ..بودى جارد ..عزت ..الفك المفترس ..تركيا ..مراسل ..الوكالة ..ماذا يحدث !!!!!!!

صرخت في وجهه ؟ ماذا ترييييييد وما شأن ميمو بكل هذا ..قال لي بلهجة عنيفة ..قلت ما عندى ..لا اعرف شيئا غير اللذى قلته لك ..اذهب الي الجحيم بعدها وتركني وذهب ..
تركني هذا العزت في عصف ذهني لم اكن اتخيله في حياتي ..شعرت انني في دائرة مغلقة ..الدائرة أضلاعها الوكالة وميمو وسوزان ومراد و..ماذا اقول هل للدائة اضلاهع ..لا ..لابد من فجوة ما ..ماذا افعل ..لمن أذهب ؟
اها ..انها سوزان ..حتي لو كانت مشتركة في المؤامرة المجهولة هذه الا انها الامل الاخير لأعرف لغز هذه الحكاية ..
اتصلت بها : الو
سوزان : اهلا ..فينك ..
انا : هو ايه اللي فينك ..انتي مختفية من اسبوع ..
سوزان : انا في ازمير ازور اهلي ..ما تيجي عندنا شوية تغير جو ..
انا : امممممم ..ايوة انا عاوز اجي ازمير ..بس الشغل
سوزان : ولا يهمك تعالي وانا ها اتصرف ..

قالت لي العنوان وبالفعل ذهبت الي المطار لاستقل طائرة أزمير ..ولكن في الطائرة ..قفز الي ذهني سؤال ..سوزان قالت لي ستتصرف في تأجيل عملي والذهاب الي أزمير ؟!! هل تملك ذلك ..من هي سوزان اصلا ؟؟؟
انني بالفعل في داءرة مغلقة ..

......................................

وصلت الي أزمير في تمام العاشرة مساءا ..ازمير هذه اشبهها ببورسعيد عندنا في مصر ..تقع علي بحر ايجة وهي ثالث المدن التركية ..يبدو انها ميدنة لطيفة ..لكنني لم استمتع بها بسبب ما انا فيه من حيرة واضطراب ..
ذهبت الي العنوان الذى قالته لي سوزان في التليفون
من بعيد بيت هادىء وسط حديقة غناء ..كأغلب البيوت التركية ..كانت هي بابتسامة راقية تستقبلني ..

كان يستقبلي معها ابيها وامها .. لا ادرى لما تذكرت هنيدى في فول الصين العظيم عندما ذهب عن " لي " ..حمد لله ان الأتراك لا يأكلون الصراصير والا كنت مت من فرط التقزز ..علي أى حال تبدو عائلة لطيفة بالفعل ..

حكيت لسوزان كل شىء ..
بعدها قالت لي ..ميمو لا اعرفه معرفة شخصية ..كل ما اعرفه انك بالفعل مراسل لدينا في الوكالة وسيكون لك مستقبل باهر لدينا ..وميمو ليس له دخل حتي في تعيينك مراسل ها هنا ..وما اعرفه ايضا ان الوكالة معروفة ورسمية ولا شبهة للمؤامرة علي الاطلاق ..

قلت لها : حسنا ..ولكن لدي سؤال انتي قلتي لي ستتصرفي بمنتهي السهولة لكي لا اذهب الي العمل .
ضحكت وقالت لي لا عليك انت أخذت أجازة 10 ايام .. لكي تتنزه في ازمير ..ايه رأيك ؟
اندهشت وقلت لها هل لكي منصب مثلا في الوكالة يخول اليك ذلك ؟
ضحكت وقالت لي انسي كل شىء الا ازمير الان .

.........................................

بعد ان تعرفت علي الست ام سوزان وأبو سوزان الذين يبدو عليهم اللطف الشديد كأنهم خرجوا توا من فيلم عربي قديم ..أخذتني سوزان صباح اليوم التالي الي شوارع ازمير ..وكالعادة اعجبتني المدينة ..تبدول لطيفة جميلة و.............عزت يراقبني هناك في الشارع الجانبي
..................


السبت، 23 يونيو 2012

الرابعة : الطريق الي اسطنبول


المشكلة مع النساء عموما ..أن تبدو خجولا ..قد تكون هذه مزية لكي تلفت النظر بمبدأ " خالف تعرف " لكن وهذه نصيحة لوجه الله .." النساء يريدن الجرىء المخترق الذى يتفحصهن من داخلهن حتي النخاع ..بالطبع هذه نصيحة ولست مجبرا علي إتخاذها .

حسنا هذا مدخل لما كنت أريد ان أسرد فيها القصة اليوم ..
خرجت انا وسوزان من باب الوكالة في شامبليون وذهبنا الي جروبي القريب في ميدان طلعت حرب ،أحتسيت أنا النسكافيه الصباحي ، وهي طلبت القهوة التركية ، لا غرو اذا قلت ان كل الأتراك يعتزون بتركيا حتي في طريقة قهوتها كما ان الألمان يحبون لغتهم ، كما ان المصريين يكرهون العربية ويتشدقون ليلا نهارا بالانجليزية ..حسنا لسنا في محاضرة ها هنا عن الهوية ..لكن علي اى حال بدا الحديث بيني وبينها عن هذا الموضوع بالذات ..وتناقشنا طويلا وخرجنا بنتيجة ان كرامة الدولة تنعكس علي هوية المواطن وكرامته في النهاية .

تطرقنا الي احاديث كثيرة ..وفجأة قالت لي ..عملك سيكون من الشهر القادم في تركيا ..أندهشت بالطبع ..بل اضطربت ولا أعلم الي الان لماذا جاء الي هذا الأحساس ...

قالت لي : لا تنتدهش نحن وكالة اخبار وقد علمت من السيد مراد صاحب الوكالة انك ستنقل الي قسم المراسلين وستكون أنت مراسلنا في تركيا .
قلت : أنا ..لماذا ، فأنا أرتاح هنا ..و...قاطعتني وقالت للاسف لا مجال هنا للنقاش انت بين أمرين لا ثالث لهما إما ان تكون مراسلنا هناك أو لا شىء بمنتهي البساطة الوكالة لا تبكي أحدا حتي لو كان روبرت فيسك نفسه .... لو لم تعرف روبرت فيسك فهو الكاتب البريطاني المشهور في الاندبندت .

حسنا ..لا خيار لدى علي ان أوافق ..لن أكرر تجربة البطالة المريرة التي استنزفت سنوات من عمرى ..وأتخذت قرار السفر بالفعل ..

_____________________________

كان علي أن أجهز جواز السفر والأوراق الروتينية التي أنتهيت منها في خلال أسبوع بمساعدة الوكالة .. وفي يوم تسليم الأوراق الي الوكالة بالفعل ذهبت الي مراد نيسين صاحب الوكالة ومديرها تناقشنا حول خطط العمل وفوجئت أن سوزان هي الاخرى ستنتقل الي تركيا لتكون المشرفة علي عملي هناك ..أستغربت عندما سمعت هذا من مراد فهي لم تقول لي شىء علي الإطلاق حول هذه المفاجئة ..

حسنا ليست خطيبتي او عشيقتي هي مجرد زميلة في العمل الي الأن ..وغن كانت نفسي في بعض الأحيان تسول الي ان ادخل معها في علاقة حب أو تسلية بمعني الحب ..ولكن لا وقت لدى لهذه المهاترات حتي الان ..وأنا أغرق في تفكيرى في هذه الأمور في مكتب مراد ..قطع مراد حبل أفكارى وقال لي بصوته الذى يشبه صوت أوردغان .." صحيح ..ميمو أتصل بي صباح اليوم وقال لي أنه يريدك غدا في التاسعة صباحة في مكتبه " ...فأندهشت ولكنني قلت له إن شاء الله سأذهب ..

خرجت من عند مراد وسؤال سيفجر رأسى ..ميمو يتصل به هو ولا يتصل بي ..لماذا ..وما علاقاتي بميمو فالصلة أنقطعت عندما تركت العمل في الجريدة عنده ...حسنا كلها اسئلة مشروعة ولابد لي ان أحصل علي الجواب غدا في التاسعة صباحا ...

___________________________

في التاسعة الصابحة كنت في مكتب ميمو ..أنتظره ..أنتظرته حتي العاشرة ..تأخر ساعة كاملة ..هكذا الاوغاد يتأخرون ساعة كاملة عن موعدهم الاصلي ..تم اللقاء وياليته ماتم ..شعرت بخوف شديد من هذا الرجل وتذكرت أشياء كنت قد نسينتها حينا من الزمن .. وبالطبع لم أحصل علي اجابة شافية لماذا لم يتصل بي واتصل بمراد لكي يطلبني عنده

كان ميمو صارما في هذا اللقاء كأنه يقول لي انت في تركيا بفضلي ولابد ان ترفع رأسي هناك انت أحد تلاميذ المؤسسة الذى انجبتك وجعلت منك صحفي مراسل في تركيا .
كان حوارا سمجا في مجمله استمر نصف ساعة فقط ..لكنني انتبهت الي قلوله " سترى هناك مفاجأت ..وستتعلم اكثر ..وستتم مهمتك الموكلة اليك في اسرع وقت ...

مهمة ؟! أي مهمة يتحدث عنها ذلك الغبي ..أنا سأذهب في عمل صحفي ..واصلت التفكير طوال سيرى من وسط البلد ..كنت أتجول خاوى الفكر والروح حتي قفز الي ذهني ذكرى عن ميمو قالها لي شاعر مشهور ..

____________________________

ذكرى الشاعر :

كنت مكلفا يوما ما بالذهاب الي هذا الشاعر ..عندما علم انني اعمل لدى ميمو ..امتعض وجه وقال "أسف لن أكمل هذا الحوار ابدا "
بفضولية معهودة لدى ..قلت له اريد ان اعرف مدى كراهيتك لميمو وماهي الأسباب ..قالي لي لن أحكي شىء عن تلك الذكريات البعيدة لكنني سأحكي لك عن موقف واحد فقط :

" ذهبت الي بلجيكا في منتصف السبعينات ..وكنت طريدا من النظام ..تسكعت في شوارع بروكسل لفترة من الزمن حتي علمت ان السفارة المصرية أعلنت عن عمل ثقافي جديد ..فذهبت كي أقدم علي هذا العمل لعل وعسي ان ينتشلني من حالة التشرد الذى كنت فيها ..في اليوم المحدد ذهبت الي مكتب المستشار الثقافي هناك حتي فوجئت بمبمو هناك ..كان صحفيا شابا ساعتها ..ولكنه كان داهية قال لي المستشار الثقافي عليك ان تذهب مع ميمو وسيقول لك ماهو عملك بالظبط ..
وفوجئت ان ميمو قذر للغاية في اخلاقه ومبادئه ..وعمله وكل شىء ..عشت أسود أيام حياتي مع هذا الكائن انه شيطان يتحرك علي الأرض ..لا تعرف من أين يأتي وماذا يفعل ومتي يذهب الي مصر ومتي يرجع منها كأن الأرض كلها طوع يمينه .."

ثم توقف الشاعر عن الكلام ونظر لي نظرة نارية كدت ان أموت فزعا بعدها وطردني من منزله .

كنت أتذكر كل هذا الحديث عندم اصطدمت بشخص يشبه أفراد " البودى جارد" ليقطع علي هذه الذكريات ..ليقول لي أسف يا أستاذ ..معلش ما اخدتش بالي منك ..واسفي دة هيترد لك قريب !!! وتركني وذهب ..قلت في نفسي " بجمله الهبل النهاردة وماله باين عليه واحد أهطل هو كمان يخبط فيا ويقول الاسف مردود قريب !!!..الصبر يارب من عندك "

_____________________

أخيرا أنا في مطار القاهرة ..ركبت الطائرة في السابعة صباحا بجوار سوزان في الطائرة المتوجهة الي أسطنبول ..تكلمنا مدة الساعة في الطائرة أنا وسوزان ..حتي غرقت هي في النوم وفجأة سمعت سيمفونية " شخير " من سوزان جعلتني أعيد النظر فيما كنت احبها يوما ما أم لا ..وكانت الاجابة بعد هذه الاصوات المرتفعة انها لا تصلح علي الاطلاق ..

____________

وصلت الي أسطنبول اخيرا ..لتنتظرني مفاجأة جديدة هناك .

.................................

لو مستغرب اقرا التلات بوستات اللي فاتو واقرا من الاول

الثالثة : " ميمو " وسوزان ..وأول شارع شامبليون


أشعر بأن الجو خانق في هذه الشقة التي سكنت فيها من جديد ..
غالبا هذه هي المرة الرابعة التي أسكن فيها في القاهرة ..أقصد المرة الرابعة في 5 شهور ..بمعدل شقة لكل شهر .
حسنا لن اجتر الي ذكريات قريبة بدورها تجتر الذكريات البعيدة ..في شهور خلت العمل الجديد .
القصة التي أ سردها تحتاج الي جهد ، لأنني أعرف هذه الأشياء عن " الكائن ميمو " من الكتب ..الي جانب انني ألتقي به شخصيا ..بالطبع لا أتحدث اليه الا قليلا ..لأنه عالي المقام أما أنا فليست لي صفة في هذا المكان ..بل أنا متناهي الصغر بالنسبة اليه ..

......................

ميمو الأن أصبح العميل رقم 30 ..بالطبع هذا الميمو الأن اذا خيّل اليك ذلك في غرفة عمليات بسيطة ..بها منضدة طويلة يجلس عليها وحده في إنتظار " محسن بيه " الذى يدخل ويقول جملة وحيدة ..أهلا ياميمو ...
ميمو أعتاد أن يكون واثق من نفسه .. فكان يرد بتلقائية كأن محسن هذا صديقه في الجامعة ..فرد عليه ميمو ..أهلا بيك يامحسن باشا .
كان هو اللقاء الأول وليس الأخير بالطبع لكن ميمو في هذا اللقاء فهم دوره ، وهضم العملية التي سيقوم بها كأنها قطعة لحم شهية ..
وكانت أخر كلمات محسن بيه تشيد بذكاء ميمو ..و فطنته ..وأنه سيقوم بالمهمة علي أكمل وجه ..و........ هذا الأنقطاع بالطبع كان في تعبيرات محسن بيه وصوته عندما قاطعه ميمو وقال له أريد ان أكون رقم 1 وليس 30 ..فضحك محسن حتي دمعت عيناه وقال له ..لهذا أخترتك ..أنت ستكون ركن من أركانها .

......................

بالطبع اّا فهمت معني الحديث ..فهما يتكلمان عن عملية مخابراتية فيما يبدو ..سينفذ ميمو عملية تجسسية ..لكن الوضع ليس كذلك بل الأمر يتطرق الي أشياء لن تبد لك سهلة الا اذا خضت في تفاصيل أكثر ..عرفت انا بعض هذه التفاصيل والباقي أستتنتجته من الاحداث التي تجرى في البلاد الأن ..ميمو ركن من اركان هذه الاحداث ...بالطبع قارئي العزيز قد تقول ..أها عرفت ميمو هو الطرف الثالث ..لو ظننت هذا ..أاسف علي ذكاءك ..لأنني شخصيا لا أعترف بالطرف الثالث الا اذا ظننت في نفسك أنني " الحاجة نبيلة " الذى اتصلت بخيرى رمضان يوما ما وقالت له ..مصر بتتحرق ياخيرى ..أهىء اهىء ..

.........................

الحقيقة أن ميمو كان ومازال ترسا من هذه الدولة التي أسستها الأجهزة الأمنية ..في يوما ما سأحكي لكم عن تلك الدولة ..بتفاصيلها المملة أحيانا والمثيرة أحيانا أخرى ..أدعو الله الا أموت الا اذا فككت هذه الدولة كفرط مسبحة علي الأرض ساعتها سيكون ميمو كثلج في القطب الشمالي تضرر من الأحتباس الحرارى ...

...............

لن أجعل ميمو تيمة انسانية ..لن أتحدث عن حياته الشخصية لأنني ببساطة لا أعرفها لكني سأتحدث عن تفاصيله العملية التي درستها لشهور متواصلة ، خلسة احيانا ، بالأحتكاك المباشر به احيانا أخرى ..

....................

الحقيقة أنني سأؤجل الحديث حينا عن دور ميمو التفصيلى ..لأيام مقبلة ..بالطبع حتي تشتاق الي ميمو ..ولكني سأرهقك عزيزى القارىء بتفاصيل أخرى قد تبدو للك مملة ولكنها ستكون لك نبراسا لشخصية ميمو الحقيقية ..

نبدأ في تفصيلة من هذه التفاصيل :
في شارع شامبليون ، حيث وسط البلد ، ميدان التحرير ، ذكرى الشهداء والمصابين تفوح في رائحة الجو ، مقهي البورصة لمن يعرفها من المتسكعين أمثالي ، بنات وشباب جالسين أحيانا علي هذه القهاوى ، أشياء كثيرة وتفاصيل أكثر في هذه الشوارع ..كانت هناك ..وكالة أخبار تركية .

يومها كدت اطير فرحا لأنني سأعمل بها .. اخيرا حلمت بها ونلت هذه الفرصة ..أخذت الكارت من أحد القريبين من ميمو شخصيا وقال لي ..أبسط ياعم انت هتشتغل في الوكالة دي ..
صرت الي هناك وصعدت في المصعد الي الدور الثامن ..وقابلت السيدة سوزان مسئولة القسم السياسي هناك وقالت لي بالحرف " انتي شاطرة كتير وهترتخي هنا كتير ..المعاملة هنا ماني ونفوذ " ..اها نسيت أن اقول لك ان سوزان هذه ليست سيدة بالمعني الحرفي ولكنها فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها كانت تعيش في أزمير التركية تخرجت من جامعة الإعلام في جامعة اسطنبول والتحق فور تخرجها بهذه الوكالة في القاهرة ، ولكنهم يصرون علي اطلاق لفظة السيدة كأحد الفاظ بروتوكلات العمل هنا ..

حسنا ..يبدو أنني سأقع في غرامها يوما ما ..لكي أنسي الصندل الذى كنت أحبه ...دائما القصة هكذا في الأفلام العربية..
مر يومان ثلاثة خمسة شهرين ثلاثة أشهر ..وفي يوما ما بعدمرور ثلاث أشهر حدث ما لم يكن في الحسبان فعلا ....

.......................................

الصورة جزء من شارع شامبليون أثناء الثورة

الجمعة، 22 يونيو 2012

الثانية : " ميمو " رقم 1مش 30


لن تفهموا ميمو ..ولن تفهموا ما أقصد لكنني الأن في الحلقة الثانية منه ..ميمو هو رئيس أحد المؤسسات " لن اقول الهامة والمؤثرة " ولكنها قد يكون لها تأثير ..ميمو رئيس هذه المؤسسة ..يعمل بها بكل جد وإجتهاد لإرضاء رؤساءه ..ذو أراء جبارة ..تحيّر من يقرأها ..لكن لو قرأت له مقالة واحدة ..تستعيذ بالله من حلاوة المنطق ..ومعسول الكلام الذى سيدير رأسك علي الفور .

ميمو هو أحد الذين لعبوا جيدا علي القانون في ايام الثمانينيات الغابرة .. تخرج من الجامعة لكنه ألتحق بما هو أهم في الجامعة ..عمل " كعصفورة " علي زملاءه ..مصطلح العصفورة في حد ذاته متداول في الأوساط الجامعية والمجتمعية ذات الطابع السياسي تعني جاسوس امني ..وميمو لعب بإقتدار علي هذا المصطلح .

ألتقطه من بعيد ذلك الصباح البعيد محسن بيه " بالطبع ليس محسن ممتاز " اذا خيّل إليك ذلك .. لكنه هو محسن بيه ..كل ضابط أمن دولة أو مخابرات هو ذلك المحسن ..منعا للإستطراد المقيت ..سأكمل .

في يوم مشمس ، ألتقي رضا الصديق الصدوق لميمو بمحسن بيه ..ذهب الي مكتبه وقال له ..ميمو جاهز في أي وقت للعمل ..بشرط ؟

أندهش محسن بيه قائلا " بشرط أيه ياروح اهلك ..هوأحنا بنتشرط علي بعض ، أحنا بندى أوامر ياكلب .

فتلعثم رضا ..وقال يامحسن باشا الشرط اللي قالوهولي ميمو انه يبقي في يوم ما رئيس لمؤسسة حكومية في يوم من الأيام ..

محسن بيه ضحك ملأ فيه وقال ..وماله بروح امه ..نعينه بس يورينا هيعمل أيه ..

أنتهي الحوار عند ذلك الحد ..

ذهب محسن بيه الي مقر قيادة الجهاز الأمني والتقي برؤساءه ..لم تكن عملية تجنيد ميمو من الأهمية أن اسرد حتي كل هذه السطور ...لكن ميمو علي عكس لك كان مكسبا ..هذه هي الكلمة الأخيرة " مكسبا " لفظها محسن لرؤساه في التقرير الامني الذى اعده قال ميمو مكسبا في المستقبل لن نستعين به في الجامعة لكننا سنستعين به في منظمة سنقودها من أجل غرض ما في المستقبل أخطط له ..

قيادات محسن من ناحيتها ارتاحت للامر وباركته وقالت له عليك أن تنجز المهمة وتفرأ كل الخطوات نريد تكرار التجربة التركية بالحرف الواحد ..فقال محسن بسماجته المعهودة ..تركيا لن تكون فينا إلا مدغشقر سننجز المهمة فو وقت قياسي وسنفعلها كما تقول الكتب المخابراتية .

..........................

ميمو تلقي من رضا اتصالا هاتفيا : مفاده مبروك انت بقيت رقم 30 في المهمة

أمتعض ميمو ..وقال له 30 ..أنا بكره ال رقم دة ..أنا بحب رقم 1 ..

رضا قال له أنت طماع ياميمو ..والطمع اخرته سواد ..خلي بالك

ميمو : خلي نصايحك لنفسك .. وأغلق الهاتف .

يومها كاد ميمو أن يقفز فرحا ..كان في منزله ..ودخل الي غرقته ..وأمام المرأة قال ..هع هع أنا رقم 1 مش 30

........

الخميس، 21 يونيو 2012

الأولي ..مدخل واجب : " ميمو " كنز لا يفني ..


ميمو ..هو احد الشخصيات التي تعرفت عليها قريبا ..

ميمو أحد المشاهير الذين يملاون السمع والبصر .. يتلونون حين يكون التلون واجبا ..ينبطحون حين يكون الانبطاح جيدا لهم في بعض الأوقات .. ميمو في السماء ..أما انا العبد الضعيف الفقير الي الله ..في الارض بالطبع .

لست مشهورا ..لكنه مشهور ..لست قويا ..بل بجبروته قويا .قد يكون ميمو هو أحد الذين يطلق عليهم أحد اركان الدولة العميقة .

أها ..أنتم لا تعرفون بالطبع ماهي الدولة العميقة ؟ حسنا سأعطيكم تفصيليا ماهي الدولة العميقة ..وما هو ميمو الذى سيصبح نجما من نجومها الكبار ..أبنا من أبناءها الأبرار ..منفذا لتعليمات ما هو أكبر منه ..

دخلت الي عالم ميمو قريبا ..تعلمت الكثير ..كنت اعلم ان عالمه غامض ..لكنني أحببت الغموض ..وأكتشفت يوما بعد يوما أن هذا العالم سيفيدني يوما ما ..وتعاملت مع الغموض كأنني متمرس فيه منذ سنوات ..بالطبع ميمو لا يعرفني لكني أعرفه جيدا ..وتحدثت معه بوقاحة مستترة أحيانا ..وبتأدب مصطنع أحيانا اخرى .

ميمو يأثر لب الناس في ..يتزلفون اليه ،يقتربون منه، ينهلون من عظمته الخائبة ، يتعلمون منه ، عندما يدخل الي المكان يقف الجميع علي رجل واحدة يقفون في تأدب شديد ، يستمعون اليه .

شخصيات كثيرة قد تكون ميمو في المستقبل ، الا انني قررت ان اتعامل معه بتعلم وعمق شديدين ، أشعر أنني في خطر ، لكني مع ذلك أتعلم كل يوما جديدا .

شخصيتي تتعامل معه علي انه مستهدف اتعلم منه وفقط ..

يوما ما قلت لمن أحبها "أنني مثل السفنجة " ..أستهجنت اللفظ ..وقالت لي لا تقول مثل هذا بعد ذلك ..لأنني مصّر علي قول ذلك ..اتخذ من المعلومات الغث منها والثمين ، أدخلها في ذاكرتي ثم أنقحها ، اتعامل مع الجيد والخبيث في نفس الوقت .

ميمو احد المعلومات الهامة الذى اتعامل معها قد يكون يوميا .. ذاكرتي مليئة بالحكايات المسلية ، والقميئة ، والمقززة ، والهامة في وقت ما .


ميمو ... أنت كنز لا يفني ياعزيزى ..وسأحاول أن أفتحك .

ميمو ... أنت كنز لا يفني ياعزيزى ..وسأحاول أن أفتحك .

ميمو ... أنت كنز لا يفني ياعزيزى ..وسأحاول أن أفتحك .