الثلاثاء، 11 يناير 2011

فيلم هندى (5)


الان حان الدور ..حان اللقاء ..حانت الامنية التي كان يتمناها الجميع ،دائما هذا حال الامم ،اذا وصلت لنقطة اللاعودة فاعلم انها العودة ..الكرة الارضية علي استدارتها.. تخيل مع هذه الاستدارة ان الاعلي يصير اسفل والاسفل يصير اعلي بدورة واحدة قد تطول او تقصر ولكن تأكد ان الكرة في طريقها حتما الي الاستدارة واذا تخيلنا انها توقفت فاعلم انها نهايتها الحتمية وقل علي الكرة السلام ..انها سنة الحياة ..انها مشيئة الله ..

نعم مشيئة الله التي كانت في فم جنكيز خان يلوكها عندما يتحسس القوة عندما يشم رئحة الاعداء عندما يأمر جنوده للسيطرة علي الخصم كان في نهاية كل رسالة للاعداء يقول انها مشيئة الله يغرس هذا في جنوده ويقول انها ارادة الله ان نقود الحرب ضد اعدائنا ونقضي عليهم باسمه .. كان المغول يؤمنون بالقوة الطبيعية يعبدون الماء ويعبدون النار والهواء
واهم شىء يؤمنون بقوتهم وجبروتهم ..

نعم انها مشيئة الله التي قضت علي بغداد ومن بعدها دمشق وتقترب كثيرا الي مصر ،قضت بان يحكم هذه البلاد ضعفاء لا يهتمون بشعوبهم ،لايقدرون قوتهم ، لا يهمهم الا جمع الاموال والهيمنة والسيطرة علي الرعايا الذين كانوا لا حول لهم ولاقوة ،المجتمع يعاني من ضعف ووهن ،اقفلت روح الاجتهاد لن تجد من الائمة في هذا العصر الا القليل ،لن تجد من يحشذ الهمم وستجد بدلا منهم شخصيات خائرة تثبط الهمم ..

"بغداد سقطت فظن الناس ان القيامة اقتربت حتما "
اورد السيوطي نصا بهذا المعني ..هاجت الناس وماجت وظن كل منهم انها القيامة تنادى كل فرد فيهم وان السماء كشطت والوحوش حشرت وستخرج ضحايا المغول من قبورها لتتسائل باى ذنب وجريرة قتلنا
ولكن هل تظن انها النهاية ..

مشكلتي الخاصة ( واريد ان اتحدث معكم من داخل الموضوع وخارجه ايضا كفضفضة ) انني ارى الاحداث من جانب تاريخي ..المقربون مني يتهموني دائما انك خيالي لاترى الاشياء بجانبها الحقيقي تعيش كأنك في فيلم هندى طويل
بالفعل اريد ان اوضح لكم الحقيقة بمنظورى الخاص هذه المرة وارى الاحداث بطريقة الديجافو الشهيرة او شوهد من قبل.. اشعر انني رأيت الاحداث كثيرا ورأيتها بنفس التفاصيل حتي ملللت كأنه فيلم عربي قديم شاهدته للمرة الالف واعرف احداثه الي النهاية ..
هكذا ارى احداث الحاضر والمسقبل والماضي ايضا
هل تعلمون انني لم احزن ولو للحظة واحدة علي كل هذه الاحداث اشعر انني اعاني من بلادة عاطفية
او من الممكن ان تنظر اليها انني ارى النهاية قبل ان ارى اللحظة الحالية كالسائر في الشارع الطويل وارى نهايته من موقفي هذا في لحظة ما بشعور ما بتفكير ما ..ولكنني ارى النهاية ..


يقولون دائما ان من رحم الالم يولد الامل ومن رحم الهزيمة يولد النصر
اؤمن دائما بهذه المقولة ..هل تعلمون ان في السنة التي سقطت فيها بغداد ولد عثمان باني الدولة العثمانية التي سادت العام ووصلت الي ابواب فينيا
انها الحياة
انه التاريخ الذى يتلاعب بالجميع
انه المكر الالهي الذى يحيق بالظالمين
اترككم الان مع مشاهد الفيلم لعلكم تفهمون وتوعوون وتفقهون ان النصر يصنع من بينكم اظن انهم يعيشون بين ظهرانيكم الان قد يكون انا او انت او انتي او هو او هي او نحن جميعا واعلم دائما ان مع اللحظة التي ترى فيها ان العدو يرتع في بلادك ،هي نفس اللحظة التي ترى فيها بشائر النصر وحلاوته ..


" هيه انتم ..نعم انتم هل ظننتم ان الحكاية انتهت ؟ لابد لنا من الانقضاض علي مصر ..المحطة التالية هي مصر ..هولاكو خان يحلم بمصر ..يريد مصر ..الشام والعراق لاتهمه يريد ان يقضي علي القلب .."

اتصور ان هذه الجملة كانت منذ زمن بعيد في خضم الاحداث بين مناقشات قادة المغول او علي اقل تقدير بين عوام جنودهم ..او علي اصح تقدير بين المغول كلهم هم يشعرون بان مصر هي الخطر لا معني لاى امبراطورية في التاريخ الا بالاستيلاء علي مصر والقضاء علي الدولة الناشئة بها (دولة المماليك ) والتي كانت لها هدف واحد هو حماية مصر والقضاء علي الايوبيين في الشام ولن يتحقق ذلك الا بالقضاء علي المغول ..

التقت المصالح بين المعارضة والحكم المركزي في مصر لاول مرة منذ سنوات الدولة الاولي كانت المعارضة التي يتزعمها (ركن الدين بيبرس البندقدارى) والذى كان يعيش في الشام قبيل الغزو اما عن الحكم المركزي في مصر فقد تم علي يد (سيف الدين قطز ) والذى كان علي خلاف مع بيبرس ويمكن القول ان الخلاف كان سياسيا بالدرجة الاولي ..

التقت المصالح اذن عندما نجد ان بيبيرس ترك الشام ليذهب الي مصر ويتحد مع سيف الدين قطز الذى حكم البلاد وحاول ان يعيد الاستقرار واستعان بالشيخ (العز بن عبد السلام ) الذى اخذ بدوره ان يشحذ الهمم وينبه الناس بالخطر ويحثهم علي الالتحاق بالجيش والتبرع له بكل ما يملكون واخذ العلماء في جميع انحاء مصر يحثون الناس علي ذلك وبالفعل التحم الشعب المصري في شهور معدودة تحت قيادة موحدة واخذوا يستعدون فعليا الي القتال والي المواجهة والي النصر في النهاية ...

......................

هل تسمعون معي ..صوت الرياح ..صوت حوافر الخيل ..صوت همهمات الجنود في الجيش ..كأنها تسمعها عبر الاثير ..هناك من يقرأ القرأن ، هناك من يطمئن الجنود ، هناك من يتساءل هل سننتصر علي اقوى جيوش العالم وينهره قائده ان يقول خيرا او ليصمت ..هل تسمع هناك من يدعو الله ان ينال الشهادة ،وهناك من يقول اريد من اخذ بالثأر لاهلي الذين قتلوا في بغداد ،وهناك من يحكي ماذا فعل المغول في حلب من تنكيل للاهالي ويحثهم علي الانتقام منهم ..وهناك وهناك وهناك ..
.........

رمضان 658 هجرية / سبتمبر 1260

التحم الجيشان
انقض المغول
زلزلوا الجنود
المسلمين ردوا
بخطة ذكية
انقضوا
....
رد المغول
ضربوا
قتلوا
اسروا
رد المسلمون
فقتلوا
واسروا
بخطة مفاجئة
التفوا دخلوا
كالنمل تسربوا بين الصفوف
وزلزلوا
..
قطز يرى الاحوال في المعركة
يتذكر ويتذكر جينما كان طفلا
في خوارزم
كان من العائلة الملكية
رأى ذل خاله وامه علي يد المغول
اقسم ان ينتقم حينها
تذكر هذا
خلع خوذته
واطلقها تزلزل المكان
وا سلاماه
واسلاماه
واسلاماه
في لحظة صمت وكأن كاميرا الكون قد اوقفت
تذكر الجنود
خوارزم
مرو
بخارى
خراسان
بغداد
دمشق
حلب
..
تذكروا
الثكالي
الشباب
العجائز
الاطفال
النساء
الرجال
الذل
الهوان
كل هذه الذكريات كانت في جزء من الثانية
انقضوا علي المغول
من هول ما رأى المغول هذا الهجوم الخاطف
ذهل القادة وقالوا انها معجزة كانوا في ايدينا
ذهلوا من الخطة التي قضت سيطرة المسلمون علي التلال المجاورة
وضربهم بالحجارة من اعلي
ذهلوا من خطة الهلال المقوس الذى استلهمها قطز من الهلال وحارب المسلمون صفا واحد وقطوا علي الميمنة والميسرة في فترة وجيزة
قتل كتبغا قائد المغول
هرب المغول من المعركة
لم يكتف المسلمون بذلك
ركضوا ورائهم
قتلوا منهم الاف
اسروا الباقي
انتهت الاسطورة
وبدأت اسطورة
انتهي المغول وبدأ عصر المماليك
انتهي المغول
وبدأ الاسلام عاليا
انتهي المغول
وتسرب اليهم الضعف والانقسام
وايضا
الاسلام
............


انتهي
الجزء الخامس من فيلم هندى
بعنوان
(النصر من رحم الهزيمة )