الأربعاء، 27 يونيو 2012

الثامنة : طريق مظلم ..وذكريات واجبة


الأن يقترب ..يقترب ..أنه هو عزت الوغد يأتي الي من طريق جانبي ..الطريق مظلم ..لا أتذكر لماذا ذهبت الي هذا الطريق .. أشعر دائما بإختناق من الظلام ..أريد ان أودب ذاتي علي دخول هذا الطريق ..لماذا ذهبت اليه ؟ ..ذهبت الي الطريق المظلم بنفسي ولم أتذكر أن احد اجبرني علي دخول هذا الطريق ..أشعر بإختناق ..إختناق ..إختناق ... يأتي هذا الوغد من خلفي من حيث لم ادرى ويمارس طقوسه ويأتي بقطعة من القماش كأنه راية واختها سكينة يقتلان ضحيتهما في منزلهما المهجور في الإسكندرية في عشرينات القرن الماضي ..أشعر بنفس الإحساس ...عزت يخنقني ..وأشعر أنني أقترب من الموت ...حتي يأتي احمد بجلبابه الابيض الزاهي الذى يلمع في الظلام ويخلصني من عزت يضربه علي رأسه ...ليسقط عزت بدوره علي الأرض ...هو لم يموت بل أفاق سريعا من الضربة ويجرى بعيدا ...أنقذني أحمد ذو الجلباب الابيض الزاهي ثم أختفي ...ماذا اتي به الي تركيا ...بالتأكيد جننت ..اااااااااااااااااااااااااااااااه ....

............................................

بهذه الصرخة الأخيرة قمت من نومي وكأنني غارق في بحر من العرق ... قلت الشهادتين ..كان كابوسا مفزعا ...شعرت بأن كائن الجاثوم يغفو فوقي ويسحب روحي ببطء شديد لولا ان انقذني أحمد ...الان انا في ظلام الغرفة ..انا ابكي بشدة كالطفل الذى تاه في الطريق ......

................................

متأنقا كالعادة ..يقف أمام المرأة ..الليالي الماضية مرت عليه كالدهر ..بسبب ما تذكره من ذكرى سيئة ..
كان يميمو يتذكر ما حل به في السنة الأول عندما التحق بالعمل مع محسن بيه ..تذكر كل هذا عندما اتي الرجل الي القاهرة في زيارة هامة ..كانت العلاقات أنقطعت بين ميمو ومحسن بيه منذ سافر محسن بيه الي أوربا بعد تقاعده من الجهاز الأمني ..أو ربما يمارس النشاط ذاته في أوربا ..ميمو لا يعرف بالظبط ..ولا يريد أن يعرف .. أو بالدقة والمعني لا يراد له ان يعلم فهو 30 وليس 1 في الة الترس الذى اراد له محسن بيه أن يكون فيها ..لابد أن يكون محسن ذاته رقم من الارقم في هذا الالة ....
ميمو تذكر كل هذا طوال الطريق اليه ..الطريق الي محسن بيه ...

............................

كان محسن بيه الضابط المهم قد اتي من رؤساءه الذين اتصلوا به يأمرونه ان يأتي بسرعة البرق الي القاهرة ...
مصر تمر بظروف صعبة ولابد أن يأتي كل عنصر نشط في الدولة لإنقاذها ..لا مجال للحديث عن الحرب ها هنا ..ولكنها الظروف التي تلت الثورة ..نظام يتداعي ..شبكة مصالح تكوى ..إفرازات - اذا جاز التعبير - بدأت في الظهور ..شخصيات لم نسمع عنها ظهرت فجأة ..أموال من حيث لا ندرى بدأت في الظهور ..رجال يتحكمون في الإعلام فجأة ..حركة غير عادية ..وشىء غير مفهوم ..وشبكة تنهار لتقوم من جديد ..وثوار يهتفون ..وهديرهم ملأ الأفاق ..ليس أفاق ميدان التحرير الذى شهد الثورة ..ولا ميادين مصر من القائد ابراهيم في الإسكندرية الي ميادين الصعيد .. نحن هنا نتحدث عن ثورة ..

كل هذا يدور في فلك الغرف المغلقة التي كان فيها السيد محسن بيه وأسياده ..وكان ميمو امثاله العبيد ..ينفذون ..ويحمون سيدهم ..الأمر لا يتعدى فوق ما تتصور ..يتعدى حتي الحفاظ علي الامور التي تجعلك ما بين الحياة والموت ..هنا ليس المجال عن الحفاظ علي الحياة بقدر ما هو منظومة حياة تحارب منظومة حياة أخرى ..والمنظومة الاقوى هي التي ستنتصر في النهاية ....

خرج ميمو من اللقاء منتعشا ..أثني عليه محسن وغيره انه يقوم بتشويه الخصوم ويقتلهم معنويا ويرفع اقواما ويذل اخرين حتي لو علي أوراق الصحيفة التي يديرها ..حتي لو كان علي البرامج الذى يحل ضيفا فيها ...ميمو ينفذ التعليمات علي أكمل وجه ...منظومة حياة تحارب الأخرى من أجل ... الحياة .

.......................................

أشعر ان عيني كثمرتي الطماطم من فرط البكاء .. أتصلت بالوكالة وأخذت إذن بالإجازة المرضية لمدة ثلاثة أيام ...ولكنهم قالوا لي أن أرجع بأسرع مما يمكن حتي ابدأ في التحقيق المُطالب مني إنجازه ووافقت ..الحقيقة انني لا أقوى علي العمل ولا أقوى علي شىء الا علي البكاء والتذكر .....

أحمد ذو الجلباب الأبيض الناصع الذى أنقذني من الوغد عزت في هذا الكابوس ..لم يكن الا أحمد عبد الرشيد صديقي الذى قتل في ظروف غامضة في شقته بالزمالك ..لم يكن سوى زميل عمل لمدة ثلاث شهور فقط ..كانت كفيلة هذه الشهور الثلاثة لكي تشعرنا اننا أصدقاء منذ ثلاثين عاما مضت ...
كان أحمد متمردا ..شرسا في الحق ..مثقفا ..شاعرا ..أديبا ..
كان يعمل معي في المؤسسة التي كان ميمو رئيسها ..كان غير راضيا ..كان ثوريا أكثر مني ..اصُيب في كل المعارك التي خاضها الثوار مع الجيش ...ثم قُتل في النهاية ..لم نتعرف علي القاتل حتي هذه اللحظات التي أكتب فيها ..ولا نعرف ماهو السبب ..إلا انني أعرف جزءا من الحقيقة ..جزؤء من الحقيقة الغائبة عن أشياء كثيرة كان يحارب من أجلها ...أشتقت اليك ياصديقي ........

قطع جرس الالباب كل هذه الذكريات ...ولم يكن الطارق غير ...سوزان .

.......................................

يدق جرس التليفون الخاص بميمو في مكتبه ..
ميمو : ألو
الأخر : ميمو ..تركب أول طيارة وتجيلي فورا
ميمو : ححححااضر ياريس ..أنت تؤمر
الأخر : مش فكرناك قبل كدة ان حاضر دي مش قاموسنا ..الظاهر انك عجزت ..تيجي فورا
ميمو : تمام يافندم

..........................................

سوزان ؟ ماذا اتي بك ؟.. ضحكت وقالت لي بالطبع لن تريد أن تدخلني الي منزلك ..حسنا سأنتظرك في سيارتي الجديدة تحت وغمزت لي ..
لم أكن في مزاج رائق لسوزان ..ولكن حسنا سأذهب معها حتي لو كان المريخ ذاته ..........

........................................

ذهبنا الي السينما وشاهدنا فيلم أمريكي ..كان فيلم سمجا ..ظللت صامتا طوال المشاهدة ..وسوزان تنظر الي أيضا في صمت ..قالت لي سوزان بعد أن خرجنا من السينما .. ماذا بك ..قلت لها لا شىء يبدو انني مريض وأريد ان ارتاح قليلا ..قالت لي انت لست مريضا ..انت تكرهني ..ثم بكت وركضت حتي سياراتها وتركتني في الشارع لوحدى .
...............................

وصل ميمو الي تركيا ..ليجد شخصا لم يره منذ زمن ...كان الشخص الذى يرهبه ميمو ...يبدو ان المهمة دخلت مرحلة الحسم ..مرحلة اللاعودة .........

هناك 6 تعليقات:

richardCatheart يقول...

حلووووووووووووه اووووووووى الحلقه دى معااااااااااااااااك... بس ايه كائن اللى ماعرفش ايه اللى كان نايم عليك لما قومت من الكابوس ابقى قولى ايه هو ؟؟ ايه دا

مصطفى سيف الدين يقول...

الستات دايما عقولهم صغيرة
الراجلجه على نفسه و اتفرج علشانها على فيلم مش طايقه و برضه تقولك انت بتكرهني انت وحش اومال لو بيحبك يا ست انتي كان عمل ايه تاني؟
معلش خليني اجاوب مارو اسمه الجاثوم يا مارو (و هو الشيء الذي يجثم على صدرك اثناء النوم و يخليك تحلم بكوابيس زي الفل )و البعض يصوره على انه شيطان

جميلة الرواية متابع معاك يا ريس

حنين محمد يقول...

مساء الغاردينيا
ههههههههههههههه
معليش بقى انا بجد ضحكت هي مالها سوزان امم دي بقى حركات حب الظاهر البنت غرقانة في الحب وانت ولا حاسس :) "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

Haytham Alsayes يقول...

ريتش
ههههههههه الجاثوم مصطفي قاله
تابعي لسة بدرى
هههههههههه


:)

Haytham Alsayes يقول...

مصطفي
انت مركز معاها ليه ياعم بص للحاجات التانية
:)

Haytham Alsayes يقول...

ريماس

هي فعلا غرقانة لشوشتها

اقرى بقي الحلقة التاسعة
:)