السبت، 20 مارس 2010

مواطنة ( قراءة في دستور المدينة)


هل تعلم قارئى العزيز ان كلمة مواطنة تأتى من الوطن؟ وانه مصطلح جديد نوعا علي حياتنا اذ لم نسمع عنه الا من سنوات قلائل وهل تعلم ان معناه المتعارف عليه بيننا الان من حق العيش مع الاخر والمساواة والعدالة قديم قدم الحضارة الاسلامية ذاتها؟

وهل تعلم ان معني المواطنة ترسخ اول الامر في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم وانه كان اول الحكام في الارض يفهم معني المواطنة ويطبقها معني وعملا؟ نعم هذا ماكان من رسول الله عندما قدم علي يثرب فلنبدأ اذن في سرد احداث

حكاية بناء امة كانت خير امم الارض قاطبة تعلمت من خير رجال الارض كلهم من عجم ومن عرب.


انها الحكاية التي بدأت بهجرة رسول الله الي يثرب التي اصبحت المدينة المنورة ولكن لابد لنا ان نعرف مقدمات الحكاية يثرب تعانى من مشاكل داخلية صعبة حرب بين عنصرى الامة اليثربية الاوس والخزرج ومن ورائهم اليهود الذين يبثون روح العداوة والبغضاء بين الطرفين لمصالح شخصية حيث انهم يستفيدون من هذا الوضع في بيع السلاح وامور تتعلق بالسيادة علي يثرب .

بهذا الوضع الصعب اتي الاسلام الي يثرب ليجمع الفرقاء الي كلمة سواء بينهم الي الاتحاد تحت راية واحدة لا هي براية العصبية ولا القبلية بل تحت راية اسلام له قوانين ودستور موحد يجمع المسلمون وغير المسلمين في دولة يسودها الوئام والتوافق بين جميع الاطراف.

"قل يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم"


دستور المدينة الذى يوضح كل ماسبق من مبادىء الاسلام يتضمن بين نصوصه بنود ترسيخ المواطنة احوج ماتكون بيننا هذه الايام وسالخصها في بعض النقاط:

1/ان المسلمين امة واحدة من دون الناس والمقصود بالمسلمين هنا المهاجرين من مكة واخوانهم من انصار المدينة من الاوس والخزرج (اي ان الرسول ساوى بين الطرفين في الحقوق والواجبات وهذا مايتبين في البنود التالية)

2/احصى الرسول صلي الله عليه وسلم قبائل المدينة سواء المهاجرون والانصار كل باسمه في الدستور ثم افصل بنود تتعلق بالواجبات والحقوق المفروضة علي الطرفين.

3/ان المؤمنين المتقين ايديهم علي كل من بغي منهم وان ايديهم عليه جميعا حتي ولوكان احد ابنائهم (بذلك يرسخ الرسول مايسمي حديثا دولة القانون حيث جعل الكل تحت راية القانون لافرق بينهم علي اساس السطوة والنفوذ والقوة المالية )

4/بعض البنود الاخري تتعلق بحقوق الانسان لست في حل الان من سردها بالتفصيل ولكنني ساسرد مضمونهامثل

السلام الاجتماعي بين مواطني المدينة

المرجعية العليا للدولة الشريعة الاسلامية والحكم النهائى لها وما تضمنته من حلول في قضايا قد تطرأ علي المجتمع

الحرية الاقتصادية لجميع الطوائف في المدينة وما تضمنته من حرية الملكية وغير ذلك من الحقوق

الدعم المالي للدولة في حال الازمات وذلك من جميع الطوائف سواء المسلمين او غيرهم


5/ الحرية الدينية لغير المسلمين وفي ذلك ينص الدستور علي الاتي "لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومواليهم وانفسهم الا من ظلم نفسه " وبذلك اعطي الدستور حرية الاعتقاد الديني في المدينة وذلك مصداقا لقول الله تعالي " لا اكراه في الدين"


6/نصرة الدولة في مواجهة الاخطار وفي ذلك ينص علي"وان بينهم النصرعلي من حارب اهل هذه الصحيفة" يقصد كل ما تضتمنه الصحيفة من قبائل وطوائف بما فيهم اليهود .


هذه كانت بعض من نصوص الدستور الذى وضعه الرسول من افكاره التي استاقها من القرأن الكريم وما تضمنه من حقوق المسلمين وغيرهم من غير المسلمين فيعتبر هذا النواة الاولي في بناء الحضارة الاسلامية الشامخة وبذلك انتصر المسلمون علي اعدائهم من الفرس والروم بكل مايعانونه من مشاكل داخلية لاحصر لها من عدم احترام عقيدة الغير والطغيان والاستبداد السياسي والاقتصادي الذى مارسه كل من الفرس والروم علي السواء.

هناك 20 تعليقًا:

السينيور يقول...

السلام عليكم
تدوينة اكثر من رائعة
هكذا يجب ان نتعلم من التاريخ
اننا لا نحتاج ان نأتى بقوانين ودساتير الغرب
فهم من تعلموا مننا واستفادوا ونحن نسينا او تناسينا تاريخنا وانسلخنا عن هويتنا
كثير ما يمكننا الاستفادة من تاريخنا ولكن عقدة الخواجة تسيطر على تفكير الكثير منا
ربنا يهدي
ولك منى كل التحية

ستيتة يقول...

هيثم
التدوينة رااااائعة
وكنت اتمنى ان تفرد وتسرد وتسهب في مبدأ حقوق الإنسان وكيف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اهتم به وطبقه مع اليهود على كثرة غلهم وحقدهم ومحاولاتهم المستميتة لإثارة الفتن في المدينة
بل حتى ان المنافقين قد حصلوا على اعلى حقوق الإنسان مع خستهم وكونهم في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة

حقيقة انا اتشرفت بالمرور السريع عندك
وحطيت اللينك بتاعك عندي علشان كل ما اكون عاوزة شيء مفيد ارجع للبوستات القديمة واناقشك فيها

تحياتي واحترامي

sal يقول...

موضوع مهم فعلا ...
احييك على هذه التدوينة
ليس كل ما هو لدى الغرب فاسد وباطل
فكثير مما طبق عمليا من حريات وحقوق انسان
موجودة بذرته لدينا ولكن عهود الاستبداد التى مرت لم تترك لنا الا اقصاء المختلف وكراهية الاخر

فهل نحن اليوم بصدد

أن نسأل أنفسنا دائماً : هل نريد أن نؤسس لدولة الإنسان لنصل إلى دولة المؤسسات من خلال الفهم الحقيقي لمعنى المواطنة في كونها التزاماً حيال البلد كله وفي نبذ التقييم العشوائي للآخرين المنطلق من العقلية التي تحسبهم على هذه الجهة أو تلك الجهة بعيداً عن دراسة طاقاتهم وإمكانات الإبداع المتوافرة فيهم لحساب الوطن والمواطنين .

لك تقديرى

لــــ زهــــــراء ــــولا يقول...

اللهم اجعل كل اعمالك في ميزان حسناتك ..استمتعت بقراءة المقال جدا وعرفت معنى كلمة مواطنة وان رسولنا صلى الله عليه وسلم اول من طبق هذه الكلمة

ماجد العياطي يقول...

ما اجملك يارسول الله

يامن علم الانسانيه كيف تعيش

نعم المواطنه وضعت اول ما وضعت في المدينه

واول مانص عليها هو القرءان

واول من طبقها النبي العدنان

صلى الله عليه وسلم

جزاكم الله خيرا على هذه التدوينه الجميله

وفقك الله

هيثــم رمضـــان يقول...

أنا مش هضيف علي التعليقات السابقة وأنت عارف رأي كويس في مدونتك وأد إيه باستمتع بزيارتها ,جزاك الله خير علي موضوعاتك المفيدة والقيمة.

تحياتي

عمرو جويلى يقول...

السلام عليكم
الموضوع قيم وأجمل ما فيه هو الرد على
العلمانيين والمتغربين بأنهم هم أول من
أرسى مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان
جزاك الله خيرا

Beram ElMasry يقول...

ابني وصديقي العزيز هيثم السايس
احسنت بصدق وذكاء جميل في عرض موضوع بوستك "المواطنة" وصدقني لقد استمتعت بما كتبت عن المواطنة وما فعله القدوة الحسنة صلي الله عليه وسلم

اشكرك كثيرا علي ادبك وحسن اخلاقك في المشاركات والتعليق واني سعيد بك كما ارجو ان اكون صديق لك
وسلام ولا سلام مع بني صهيون

Haytham Alsayes يقول...

السلام عليكم
ازيك يامحمد يامفروس علي طول
شكرا علي مرورك

وطبعا كلامك صح احنا نسينا تاريخنا او تناسناه عشان كدة مش حاسيين ان في مستقبل بالاساس

تحياتي لك

Haytham Alsayes يقول...

د ستيتة يشرفني يافندم انك تدخلي مدونتي المتواضعة

واي تساؤل من حضرتك علي البوستات القديمة انا تحت امرك فيها

تحياتي لكي

Haytham Alsayes يقول...

فعلا ياsal
عندك حق بذرة المواطنة والقانون ودولة المؤسسات الديموقراطية بدأت عند المسلمين
والغرب اتخذ مننا كل الحاجات دي ودلوقتي اصبحوا متقدمين بعد تخلف وطبعا احنا العكس

شكرا علي مرورك

Haytham Alsayes يقول...

ربنا يكرمك يالولا وزهراء

شكرا جدا علي تعليقك

Haytham Alsayes يقول...

استاذى ماجد العياطي
باستمتع جدا بمواضيعك ربنا يكرمك

وجزاك الله خيرا

Haytham Alsayes يقول...

استاذ هيثم رمضان

فين ابداعتك ياستاذنا من ساعة لا تحزنى مشفتش حاجة لك

عاوز استمتع بالقراءة عندك

تحياتي لك

Haytham Alsayes يقول...

استاذ عمرو

شكرا ليك وفعلا دة احسن رد علي العلمانين ان نرد عليهم من تاريخنا

تحياتي لك

Haytham Alsayes يقول...

والدي العزيز استاذ بيرم

ربنا يكرمك يافندم ويشرفني ان حضرتك تنور المدونة
ومن غير اي حاجة يافندم حضرتك شخص عزيز لي وكتاباتك كلها تعبر علي انك من الشعراء المحترمين

تحياتي لك ولا سلام مع بني صهيون

خواطر شابة يقول...

بهذه المبادئ ترسخ الاسلام في شبه الجزيرة العربية كلها وامتد اشعاعه خارجها لكن فعلا نحن الان بعيدون عن هذا جدا ربما الاقرب له هي الدول الغربية الديموقراطية فهي التي تطبق مبادئ الاسلام فعلا دون ان تدين به فيا نحن ندين به لكن قولا وليس فعلا
سعيدة باول مرور في مدونتك وان شاء الله لن يكون الاخير وسيدون التواصل باذن الله
دمت بكل ود

عطش الصبار يقول...

مش هاضيف ياهيثم اكتر من انك مدون محترم
البوست بيرد على الغرب وبيرد برضه على المتشددين
تحياتى

هبة النيـــــل يقول...

على فكرة فعلا باعتذر لنفسي عن التأخير

إذ حرمتها من هذه الروعة منذ كتابتها :)

هبة النيـــــل يقول...

موضوع عالي الجودة حقا

ليتك تتناول تلك الزاوية بين الحين والآخر

ليست زاوية المواطنة فحسب ، بل تضفير الماضي بالحاضر

حقا استفدت جدا جدا جدا استاذ هيثم

ربنا يباركلك يابني